نعم إن الله - تبارك وتعالى - يضحك كما ورد هذا في عددٍ من الأحاديث الصحيحة
فقد سأل رجل رسول الله - – أو يضحك ربنا ؟ قال: ( نعم ) قال: لن نعدم من ربٍ يضحك خيراً .
لماذا نريد أن يضحك الله لنا ؟
في الحديث قال رسول الله : ( ........ وإذا ضحك ربك إلى عبدٍ في الدنيا فلا حساب عليه )
وقال أيضاً: ( .......فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه فإذا ضحك منه قال له: أدخل الجنة ).
ومن ضحك الله منه لم يعذبه :
من أجل هذا نريد أن يضحك الله لنا ، نريد أن لا نحاسب نريد أن ندخل الجنة ، نريد أن لا نعذب.
ولكن ما السبيل حتى يضحك الله لنا ؟
1: القتل في سبيل الله :
سأل رجل رسول الله- صلى الله عليه و سلم- فقال أي الشهداء أفضل ؟
قال : ( الذين إن يلقون القوم في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك ينطلقون في الغرف العلى من الجنة ،
ويضحك إليهم ربهم ، وإذا ضحك ربك إلى عبدٍ فلا حساب عليه )
وفي حديث أبى هريرة ( يضحك الله سبحانه وتعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر فيدخلان الجنة.
فقاتل هذا فَيُقتَل فيتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهد ).
2: الإيثـــــار :
عن أبى هريرة أن رجلاً أتى النبي- - فبعث إلى نسائه فقلن ما معنا إلا الماء ،
فقال رسول الله- ( من يضم أو يضيف هذا ) ؟
فقال رجل من الأنصار : أنا فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله - صلى الله عليه و سلم-
فقالت : ما عندنا إلا قوت صبياننا ، فقال: هيئي طعامك ، وأصبحي سراجك ، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء ،
فهيأت طعامها ، وأصبحت سراجها ، ونومت صبيانها ، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته
فجعلا يريانه أنهما يأكلان فباتا طاويين ، فلما أصبح غدا إلى رسول الله- صلى الله عليه و سلم-
فقال : ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما
فأنزل الله : {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }
3: عدم اليأس والقنوط من رحمة الله :
روى وكيع بن عدس عن عمه أبى رزين قال :
قال رسول الله- صلى الله عليه و سلم : ( ضحك ربنا من قنوط عباده و قرب غيره،
قال : قلت يا رسول الله؛ أويضحك الرب عز وجل
قال: نعم،
قال: لن نعدم من رب يضحك خيراً )
القنوط: أشد اليأس..... وقرب غيره: أي مع قرب تغييره
فيعجب الله كيف نقنط وكيف يدخل اليأس الشديد على قلوب العباد
وهو سبحانه قريب التغيير، يغير من الحال إلى حال أخرى بكلمة واحدة
وهى: كن فيكون .
4: وحدة الصف :
سبق فيه حديث في فقرة رقم ( 1 ) ، وفيه : يلقون القوم في الصَّفّ .
5: قيام الليل :
عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله- صلى الله عليه و سلم:
( ثلاثة يضحك الله إليهم الرجل يقوم من الليل، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال )
6: الانغماس فى العدو :
عن ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة
قال: ( لما التقى الناس يوم بدر قال عوف بن عفراء بن الحارث :
يا رسول الله ما يضحك الرب تبارك وتعالى من عبده؟
قال: أن يراه قد غمس يده في القتال يقاتل حاسراً، فنزع عوف درعه، ثم تقدم فقاتل حتى قتل ).
وعن أبي الدرداء- - عن النبي- صلى الله عليه و سلم- قال: ( ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم:الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه،
فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله ويكفيه فيقول الله:انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه،
والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل،
فيقول: يذر شهوته ويذكرني ولو شاء لرقد،
والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام في السحر في ضراء وسراء ).
7: إخفاء الصدقة والإسرار بها :
يضحك الرب- تبارك وتعالى- إلى من أخفى الصدقة عن أصحابه لسائل اعترضهم فلم يعطوه،
فتخلف بأعقابهم وأعطاه سراً حيث لا يراه إلا الله الذي أعطاه. فهذا الضحك حباً له وفرحاً به .
هذا وما كان من توفيق فمن الله وما كان من سهو أو خطأ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء .
جعلني الله وإياكم ممن يضحك الله إليهم ومن أعان على نشرها ولا تنسونا في صالح دعائكم .
منقول
( تخريج الأحاديث )
أحاديث ضحك ربّ العزة إلى عباده في الدنيا وفي الآخرة ثابتة .
وأما ما سألت عنه فـ :
أ – " سأل رجل رسول الله : أو يضحك ربنا ؟ قال : نعم . قال: لن نعدم من ربٍ يضحك خيراً" . رواه الإمام أحمد وابن ماجه ، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة .
ب – " وإذا ضحك ربك إلى عبدٍ في الدنيا فلا حساب عليه " رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني ، وقال الأرنؤوط : حديث قوي .
جـ - " فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه ، فإذا ضحك منه قال له : ادخل الجنة "
صححه الألباني في " ظلال الجنة " .
وفي حديث أبي هريرة في قصة آخر أهل الجنة دخولا أن رسول الله قال : فيقول يا رب أدخلني الجنة ، فيقول الله : ويحك يا ابن آدم ، ما أغدرك ! أليس قد أعطيتَ العهد والميثاق أن لا تسأل غير الذي أُعطيت ؟ فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ! فيضحك الله عز وجل منه ، ثم يأذن له في دخول الجنة . رواه البخاري ومسلم .
1 – القتل في سبيل الله :
هو أصل الحديث الذي سبق تخريجه في ( ب ) أعلاه .
وهو حديث صحيح .
وأما حديث أبي هريرة ، وفيه : " يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة " ، فهو مُتّفق عليه ، أي : رواه البخاري ومسلم .
2 – الإيثار :
" ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما " رواه البخاري ومسلم . ولفظه عند مسلم : قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة .
3 – عدم اليأس والقنوط من رحمة الله :
" ضَحِك ربنا مِن قُنوط عِباده ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ " ، هو أصل الحديث الذي سبق في فقرة ( أ ) .
4 - وحدة الصف :
سبق فيه حديث في فقرة رقم ( 1 ) ، وفيه : يلقون القوم في الصَّفّ .
5 – " ثلاثة يضحك الله إليهم الرجل يقوم من الليل " رواه الإمام أحمد . وضعفه الألباني والأرنؤوط .
وفي معناه فيما يخصّ قيام الليل ما سيأتي في رقم ( 6 ) من حديث أبي الدرداء .
6 - الانغماس في العدو :
" أن يراه قد غمس يده في القتال "
ذَكَر ابن حجر أن ابن إسحاق ذَكَره ، أي : في مغازيه .
وحديث أبي الدرداء حسَّنَه الألباني في " صحيح الترغيب " .
7 - إخفاء الصدقة والإسرار بها
فيه حديث أبي ذر مرفوعا : ثلاثة يحبهم الله ، وثلاثة يبغضهم الله ؛ أما الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل ، فَرَجُل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينهم فمنعوه ، فتخلف رجل باعقابهم فأعطاه سِرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه ، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يُعْدل به نزلوا فوضعوا رؤوسهم فقام يتملقني ويتلو آياتي ، ورجل كان في سرية فلقوا العدو فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يَفتح الله له ، والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني ، والفقير المختال ، والغنى الظلوم . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم
وقال الأرنؤوط : حديث صحيح .
وضعّفه الألباني .
وعلى كلّ لم أرَ فيه ما يتعلّق بِضَحِك ربّ العزّة سبحانه وتعالى ، وإنما فيه إثبات الحب والبغض .
وقد وردت أحاديث في إثبات تَعجّب ربّ العالمين .
وهي صِفات ثابتة عند أهل السنة والجماعة .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد