بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تحب الله تعالى
يا أيها الإخوة ، في الإنسان جانبٌ عَقْلي ، وفي الإنسان جانبٌ نَفْسي ، وما الإنسان في حقيقته إلا عقلٌ يُدرك ، وقلبٌ يحبّ ، فإذا نما عقلهُ على حِساب قلبهِ فقد اخْتلَّ توازنُه ، وإذا نما قلبهُ على حساب عقلهِ ، فقد اخْتلَّ توازنهُ ، لا بدّ من أنْ ينْمُوَ القلب والعقل معًا ، والعقل غذاؤُه العلم والقلب غذاؤُه الحبّ ، لذلك ألا لا إيمانَ لمَنْ لا محبّة له ، قال تعالى :
(( يحبهم ويحبونه ))
قال تعالى :
(( واللذين آمنوا أشد حبا لله ))
يا أيها الإخوة الأكارم ، أن تحبّ الله تعالى ، فالكون كلُّه مُسخّر من أجلك أحبُّوا الله لما يغْدوكم به من نِعَمِهِ ، الكون كلّه مُسخّر لك ، أنت من نِعَم الله وُجودًا ، واسْتِمدادًا ، واسْتِرشادًا ، أسْبَغَ الله على الإنسان نِعمة الإيجاد ، وأسْبَغَ عليه نِعمة الإمداد ، وأسْبَغَ عليه نعمة الإرشاد ، فالكون كلُّه ينطقُ بِنِعَمِهِ ، بقيَ أنْ يُحبَّك الله تعالى
و أنْ تُحبّهُ هذا هو الأصْل ، لأنّك نِعْمةٌ من نِعَم الله ؛ في وُجودك ، وفي اسْتِمداد عناصر وُجودك ، وفي هدايتك ، بقيَ عليك أن تحبّ الله تعالى ، لأنّ الله عز وجل يقول :
(( يحبهم ويحبونه ))
قال تعالى :
(( قل إن كان ءآباؤكم و أبناؤكم و إخوانكم و أزواجكم وعشيرتكم و أموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله و جهاد في سبيله فتربصوا ))
أيْ انْتَظـروا ، أيْ الطرق إلى الله ليْسَتْ سالكة ما دام في الدنيا شيءٌ تحبّه أكثر من الله عز وجل .
هذه كلّها مقدّمات ، وبيت القصيد ؛
كيف تحبُّ الله عز وجل ؟
إن الله يحبّ التوابين إنّ الله يحبّ المتقين ، والله يحبّ الصابرين ، إنّ الله يحبّ المتوكِّلين ، إنّ الله يحبّ المقسطين
أبواب كثيرة تدخل منها إلى محبّة الله لك .
الباب الأوَّلُ : أن تكون محْسنًا ، إذا أحْسنْتَ عملَكَ فقد شملَك هذا الباب إذا أحْسنْتَ علاقتك بِزَوجتك فقد شملَك هذا الباب ، إذا أحسنْتَ إلى جيرانك فقد شملَك هذا الباب ، الإحسان في كلّ شيء ، إنّ الله كتبَ الإحسان في كلّ شيء ، وكتبهُ على كلّ شيءٍ .
شيءٌ آخر ؛ إنّ الله يحبّ التوابين ، المؤمن مُذْنبٌ توّاب ، المؤمن واهن راقع ، الله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجِد ، ومن العقيم الوالِد ، والظمآن الوارد ، التوبة تعني النّدم ، والتوبة تعني تجديد العهْد مع الله تعالى ، التوبة تعني أنّك تحبّ الله عز وجل ،
إنّ الله يحبّ المتطهّرين ، التّطهُّر ، هذه الصّفة مطلقة ، فالمؤمن طاهرٌ في جسده ، طاهرٌ في ثوبه ، طاهر في بيتِه ، طاهر في قلبه ، طاهر في جوارحه .
إنّ الله يحبّ المتقين ، من هو المتقي ؟ هذا الذي يتقي غضب الله تعالى ، يتقي عقاب الله تعالى يتقي معصيَة الله تعالى ، يتقي أن يخالف أمْر الله تعالى ، يتقي أن يقع فيما لا يرضي الله تعالى ، يتقي أن يكون على حالٍ لا يحبّها الله تعالى ، المتقي هو الذي يتقي ما نهى الله عنه.
والله عز وجل يحبّ الصابرين .
من هو الصابر ؟
هو الذي عرف الله عز وجل ، صبَرَ على طاعة الله ، وصبَر عن معصِيَة الله ، وصبَر على أمر الله التكويني ، أمركَ أن تصلِّيَ الفجْر ، صبرْتَ على ترْك متْعَةِ النَّوْم ، صبرْتَ على ترْك لذّة الفراش في الشّتاء ، أمرَكَ أن تكفّ لسانك عن الغيبة ....
والله لا يحبّ الفساد ، إنّ الله لا يحبّ الكافرين ، والله لا يحبّ الظالمين ...
والله لا يحـبّ الفرحين في الدنيا ....
هذه قوانين ، إذا فعلْت ما يحبّ ، وتركْت ما لا يحبّ ؛ أحبّك الله ، وإذا أحبّك الله أحبّك كلّ شيء إذا أحبّك الله ملكْتَ الدنيا وما فيها ، أنت ملكٌ من مُلوك الآخرة ، إذا كان الله في عَلْيائِهِ يحبّك
فمَنْ أنت ؟
أنت في أعلى مرتبة ، أعلى مرتبة ينالها الإنسان أن يحبّه الله.
من كلام الشيخ محمد راتب النابلسي.