التوكيد في آيات القران الكريم – 1 :
من المعلوم أن التوكيد يكون في الكلام بحسب الحاجة فان لم يكن الكلام يحتاج إلى توكيد لا يؤكد وان كان به حاجة إلى ذلك فعلى قدر الحاجة فان احتاج إلى مؤكد واحد أكد بمؤكد واحد وان احتاج إلى أكثر من مؤكد أكد حسب الحاجة .
ولبيان وجه الإعجاز البلاغي نأتي بآيتين متشابهتين في المعنى مختلفتين في التوكيد , من ذلك مثلاً :
قوله تعالى في سورة المرسلات : ( كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) آية 18 بدون التوكيد
وقوله تعالى في سورة الصافات : ( إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) آية 34 بالتوكيد في قوله تعالى " إِنَّا "
فلم يؤكد في سورة المرسلات لان الكلام عن المجرمين كان مختصراً في ثلاث آيات فقط . ( أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) .
بينما كان الكلام عن المجرمين في سورة الصافات في حوالي ثمان وعشرين آية من قوله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ) آية 11
إلى قوله تعالى : ( وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) آية 39
وقد أفاض في ذكر صفاتهم وأقوالهم وأعمالهم وعذابهم فناسب ذلك التوكيد في سورة الصافات فأكدها بزيادة قوله تعالى ( إِنَّا ) بخلاف ما في سورة المرسلات فانه لم يذكر
شيئا من صفاتهم وعقوباتهم . فسبحان كيف جعل كل زيادة أو تقديم أو تأخير أو توكيد في مكانه المناسب .
خاطرة :
قالقتادة بن دعامة السدوسي, وهو من علماء تابعي البصرة:"
ماجالس القرآن أحدإلا فارقه بزيادة أو نقصان",
ثم قرأ : (وننزل من القرآن ماهوشفاء ورحمة للمؤمنين ولايزيد الظالمين إلا خساراً(