-
-
طلاق
-
-
الذين
-
-
لا خلاق لهم
يخفى على كثير من الرجال والنساء في مجتمعاتنا المسلمة المعاصرة (حقيقة) الطلاق والقضايا الشرعية الشائكة التي تتصل به مثل مسائل التلفظ بالطلاق دون النية المسبقة ، ومسائل الطلاق في حالة الغضب ، ومسائل اليمين بالطلاق الذي يتلفظ به بعض الأزواج على كل صغيرة وكبيرة ، فما أكثر الزوجات اللاتي طُلقن وهن لم يُطلقن فعلاً ، وكم من زوجات لا يزلن يعشن تحت سقف واحد مع أزواجهن وهن لا يعلمن أنهن مطلقات.
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الطلاق عند الغضب والتوتر والانفعال الشديد فقال فيما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه ، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً : ( لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) يعني الغضب كما فسره أحمد ، والإغلاق أن يغلق الرجل قلبه فيقول كلاماً لا يقصده حقيقة ويستوي الغضبان في هذا مع السكران والمجنون ، وقد ترجم أبو داود لهذا تحت باب (( الطلاق على الغضب)).
ومن حكمة الإسلام أن جعل الطلقات الثلاث دفعة واحدة تحتسب طلقة واحدة كما في سنن النسائي وغيره من حديث محمود بن لبيد قال : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غضبان وقال : ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ حتى قام رجل فقال : يا رسول الله أفلا أقتله؟!) (رواه النسائي).
وفي حديث سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول : الطلاق يلزمني إن فعلت كذا فرأيت الكراهية في وجهه صلى الله عليه وسلم وقام وهو يقول : (أتلعبون بدين الله وأنا بين ظهرانيكم ألا من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) (رواه ابن ماجه). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً : (( ما بال أقوام يلعبون بحدود الله يقول أحدهم : قد طلقتك ، قد راجعتك ، أولئك لا خلاق لهم في الآخره)) (رواه ابن جرير وابن مردوية). وكان عمر رضي الله عنه يجلد كل من حلف بالطلاق وسئل الإمام عن يمين الطلاق فقال إنها يمين الفُساق وقال الإمام الشافعي : لا أجيز لمسلم أن يحلف بغير الله.
وفي هذا تتجلى حكمة الإسلام في مسألة الطلاق التي تغيب عن كثير من المسلمين .. إنها حكمة تهدف إلى حماية الزوجة من بطش الزوج صاحب الهوى ، فالطلاق ليس بكلمة يهوي بها الرجل على عش الأسرة فيهشمه متى شاء وكيفما شاء كما تضن بعض النساء اللاتي لا يعلمن فيظلمن دينهن بجهلهن . لهذا لابد من تذكر هذه الضوابط أولها أن طلاق الغاضب غير مبيت النية غير مقبول ، وثانيها : الطلاق بالثلاث دفعة واحدة يعتبر طلقة واحدة لقوله تعالى : (الطلاق مرتان) بمعنى مرة بعد مرة فإذا جُمع المتفرق دفعة واحدة اعتبر مرة واحدة ، وحكمة الإسلام إتاحة الفرصة بين المرة والمرة لفتح باب المراجعة وتغيير الرأي : ثالثهما : طلاق الحالف بالطلاق الذي أقسم بغير الله ، رابعها طلاق الحائض بدليل أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله بن عمر لما طلق امرأته في الحيض أن يراجعها وتلا عليه قوله تعالى : (إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) (الطلاق :1) إيذاناً بأن الطلاق لم يُشرع في حيض ولا في طهر وطُئت فيه وإنما شُرع للعدة وهو أن يطلقها في طهر بغير جماع ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه : من أراد أن يُطلق للسنة فليطلق امرأته طاهراً في غير جماع تطليقة واحدة ثم ليدعها فإن أراد أن يراجعها راجعها وإن حاضت ثلاث حيضات كان بائناً أي بغير رجعة إلا بعد زواجها بغيره.
هذه هي بعض حدود الله الحصينة التي يحمي المرأة من بطش الزوج وهواه وتحمي الأسرة من التشتت والتمزق وتفتح باب المراجعة للزوج العاقل الحصيف .. فهل يعلم بهذا الذين يتفقهون في دينهم من رجالنا ونسائنا؟!
*** *** *** ***
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أعظم الذنوب عند الله عز وجل رجل تزوج امرأة فلما قضى حاجته منها طلقها وذهب بمهرها) (رواه الحاكم).
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة)) (رواه أبو داود).