هناك من يتحدث نيابة عن السعوديين..
و((يتحلطم)) بما ليس له به علم...
معارف من اسواء المعارف صاروا دلائل على بلد كامل..
لن اسمح بما قيل بأن يمر مرور الكرام..
تدور معركة شرسة في السعودية في أيامنا الحالية. معركة يجدها حتى من لا يريد الخوض فيها أين ما ذهب وأين ما اتجه بناظريه. معركة يعيشها كل مواطن كل يوم على صفحات الصحف والمجلات، ويسمعها وسط صرخات المجتمع الذي لا يسمعه إلا من أنصت له، بل ويشاهدها على شاشات التلفاز في كل قناة تليفزيونية حركها الريال السعودي.
معركة فكر أشهرت لها الأقلام وسنت لها رؤوس المواضيع. معركة يخوضها الجميع باسم المرأة ومن أجل تحرير المرأة. معركة المنتصر فيها خاسر. لأن الانتصار هنا ليس للمرأة السعودية بل لتيارات فكرية تتصارع للسيطرة على المجتمع. وما المرأة هنا إلا مكسب من مكاسب هذه الحرب وليست طرف فيها بأي شكل من الأشكال.
علت الأصوات في هذه المعركة وأقحم الدين فيها لأن الدين هو السلاح الوحيد الذي لا يقهر في هذه المعركة. والذي يستحوذ على هذا السلاح هو الذي سينتصر في معركة الكل فيها خاسر.
لأن الكل فيها لا يبحث عن المرأة بل يبحث عن النصر لفكره ولمعتقداته ولكبريائه. وحتى لا يقول قائل بأن الكاتب يتهم دعاة التحضر أو دعاة الفضيلة فسأسأل هؤلاء المحاربين الأشاوس أصحاب الدفاع عن الحريات أين كانوا قبل الحادي عشر من سبتمبر قبل أن تهتز الصورة أمام الغرب؟ هل كانوا خرساً أم أن المرأة لم تكن مضطهدة حينها كما هي اليوم؟
ولنسأل سؤالاً حقيقياً أخر وهو أين هو الدفاع عن الحقوق الأخرى للإنسان التي تنادي بها الليبرالية، أم أن الليبرالية أصبحت محصورة في خروج المرأة للعمل واختلاطها بالرجل وسفرها بدون محرم؟
هذه المعركة تدور بين فريقين كلاهما يدافع عن المستقبل وهو يعيش الحاضر. أحد الفريقين يدعو إلى الحفاظ على قيم الماضي من أجل ضمان بقاء المستقبل والأخر يدعو إلى هجر الماضي من أجل مستقبل أفضل.
أما الذي يدعو إلى الماضي فلا انقسامات في صفوفه ولا أحزاب فالكل فيه يدعو إلى الثبات على القيم وعلى العادات وعلى الموروثات سواء أثبتت فشلها أم كتب لها النجاح. بينما الذي يدعو هجر الماضي فهو منقسم بين متأثر بقيم وفكر غيره وبين متأثر بما يقوله غيره عنه.
فالقسم الأول هم الذين تأثروا بالفكر الليبرالي الغربي من خلال سفرهم واختلاطهم بالغرب وإقامتهم فيه لفترة من الوقت. وأما القسم الثاني فهم الطبول أصحاب تلميع الصورة الذين لا رأي لهم ولا قيمة والذين يخشون أن تهتز صورتهم أمام غيرهم سواء كان هذا الغير من المجتمع السعودي أم من غيره من المجتمعات.
ولننتقل من التلميح إلى التصريح. لقد فشل التيار الديني السلفي في السعودية في دمج المرأة في المجتمع لأنه لم يكن يتكلم بالإسلام كما سيفشل أتباع الفكر الليبرالي الغربي لأنه لا يتكلم بالإسلام. مسكين هو الإسلام كل يوم يستغله الجميع في معاركه والإسلام برئ من هذا المعارك براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
لو أن الجميع كانوا واضحين مع أنفسهم وصادقين لوقف الجميع عند أرائهم الشخصية وأفكارهم الاجتماعية بعيداً عن الدين حتى يقفوا على أرض محايدة ليقولوا فيها "كلمة سواء بيننا وبينكم".
ولنبتعد قليلاً عن الحديث عن التيارات الفكرية ولنتحدث باللغة التي يفهمها الجميع وهي لغة الواقع. فالواقع يقول أن الحرب كما هي فكرية فهي جغرافية. فهناك في نجد والقصيم يقف مجموعة من المحاربين الأشاوس ليدافعوا عن الفكر الديني الذي أعطى لمجتمعاتهم سلطة قوية على المجتمع السعودي ككل أمام مجموعة في الحجاز سلبها هذا الفكر سلطتها لتسيير حياتها كما تريد وكما كانت في عصور مضت، كما سلبها قدرتها على التعبير عن رأيها كما تشاء. أما باقي مناطق السعودية فهي مع من غلب، لأنها بعيدة عن هذا الصراع منذ القديم.
من ينادي اليوم بإعطاء المرأة حقوقها فهو لا ينادي بفكره بل بفكر غيره، ومن ينادي بالحفاظ على وضعها كما هي فهو لا ينادي بأي شيء على الإطلاق لأن الإسلام الذي أعطى للمرأة حقها ليس هو الإسلام الذي تعيش في ظله اليوم.
لن يستفيد الجميع شيئاً من محاولة قلب الطاولة على الأخر سوى تهميش الأخر وبلعه. ويجب أن يعلم الجميع أن ما بناه الفهم الخاطئ للإسلام لا يمكن محوه في يوم وليلة لمجرد أن الإعلام أصبح فيه شيء من الحرية.
كما يجب أن يعلم الجميع أن ما وصل إليه الغرب من تقدم في الحقوق والحريات المدنية للمرأة ما هو إلا تجربة بشرية حديثة عمرها لا يساوي شيئاً مقارنة مع عمر البشرية على وجه هذه الأرض.
هذه التجربة وإن نجحت في نواحي فقد فشلت في نواحي أخرى والدليل هو تحول المرأة إلى مدخل من مدخلات الإنتاج أو سلعة من سلعات الاقتصاد. ولو أردت دليلاً حي على ما يحدث فهو ارتفاع نسب الطلاق والخيانات الزوجية في المجتمعات الغربية التي بدأت هذه التجربة الإنسانية الحديثة.
ولأننا في معركة فلن يكون هناك حلول فالمعارك لا تنتهي إلا بالهزيمة أو الهدنة والاستسلام. أن الذي يريد الإصلاح لا يهمه من ينتصر بقدر ما يهمه من يكسب.
وأما الساحات الإعلامية التي يحارب عليها الجميع فما هي إلا ساحات تجارية تتكسب من خلف هذه الحرب. وأما الجهات الإعلامية التي تدعم هذه الحرب فما هي إلا صناعات مساندة مثل صناعة الأسلحة التي لا تزدهر إلا عندما يكون هناك دماء تراق وهؤلاء هم الذين يكسبون دائماً في كل حرب.
وكلمة أخيرة وهي: إذا ما رأيت أنياب الليث بارزة فلا تحسبن الليث يبتسم.
بقلم وائل مهدي
فهمتوا ياللي ما تبون تفهمون..!!!