لماذا ننهزم أمام لوعات الزمان ،ومصائب الفانية ؟لماذا تخور قوانا ولم نعد نتحمل ونصبر؟ ،نعم الخطب جليل والأمر عظيم،ولكن لم نخلق لنتألم ونتضجّر ونفقد الثقة بأنفسنا ،ونصبح غير قادرين على صد كل تيار يأتينا بكل ما هو جديد مفجع محزن ،نعم أقولها وأحث على التعلم من الحياة التي في كل يوم لها حوادث وضحايا ،كم لوعتنا الدنيا وأذاقتنا مرارة الأسى والحزن ؟هي صامتة لا تتكلم ،ولكن أهلها يتكلمون ويُخطئون ويجرحون ويهجرون ويُغضبون ،كل إنسان ذاق ذلك أو جزءا منه ،ولكن ماذا عسانا أن نفعل ؟هل نستسلم لذلك ونقول هذا قضاء وقدر والليالي عبر أي عبر؟ أم أننا نصبر ونعلم علم اليقين أن هذا الأمر بالفعل هو قضاء وقدر ولكننا سنتحمّل ونوطن أنفسنا على الصبر والنسيان ،أدرك تمام الإدراك أن ذلك ليس بالأمر الهيّن ،ولكن النفس جُبلت على تحمّل المشاق والمصاعب والمتاعب ،ثم فليتذكّر كل واحد منا أن ما أصابه من هم ونصب ووصب وأحزان قد أصاب غيره بل وأكثر وأشد من ذلك ،وفي هذا تسلية للنفس والقلب ومن تذكر مصيبة غيره هانت عليه مصيبته ، ولو عملنا (بطنش تعش) لكان حالنا أحسن بكثير مما نحن فيه ،أعرف أن هناك أمور يبقى أثرها والكوي لابد أن يبقى له أثرًا في الجسم ،ولكن الزمن كفيل بِجعلنا ننسى ،ونؤمن بأن ما ذهب وإن بقي أثره لا يمكن أن يعود فقد خرج ولم يعد ،ثم إن الدنيا بطبيعتها الغدر عن طريق تصرفات أهلها تألمنا فيها وبكينا ،وفرحنا وضحكنا متقلبة الأحوال ،لن يدوم فيها أحد :
هي الأمور كما شاهدتها دول ..... من سرّه زمن ساءته أزمـان
وهذه الدنيا لاتبقي علــى أحدٍ ..... ولايدوم علــى حالٍ لها شأن
فلماذا ننزعج منها ونحن نعلم علم اليقين بأنها غدارة فجّاعة بأهلها وبتقلب أحوالهم؟ عشنا وترعرعنا ،ومنها تعلمنا ،قلبتنا كيف تشاء بتقدير العزيز العليم ،أذاقتنا الحزن ألوانا،والهم أصنافا ومع هذا حالنا مكانك سر! لم نستفد من دروسها ولم نتعلم ،نظنّ بأن لها بابًا واحدا لاثاني له باب الحزن والهم والغم ،والدموع المنسكبة على الخدود صحيح أن هذا أمر فطريٌّ في الإنسان ،ولكن هناك باب آخرمن الممكن أن ندخل معه ونعيش حياتنا بأمن وأمان وسلام وحب ووئام ،إنه باب السعادة الذي لابد أن يبحث عنه كل واحد منا بدون سأمٍ أو ملل،بجديّة وحويّة ونشاط ،ولإن سُكّر باب فإن هناك ألف باب :
ولربما نازلة يضيق منها الفتـى @@ذرعًا وعند الله منها المخـرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتــــها@@ فرجت وكنت أظنها لاتفــرج
فهيّا إلى العمل بجديّة لنصل إلى الهدف المنشود، ونحقق الغاية التي من أجلها خلقنا لنعيش حياتنا سعداء متفائلين تاركين المستقبل المغيّب لله رب العالمين ،بابتسامة جميلة ونظرة تفاؤل وحب وتقدير وطردٍ للأحزان ،وإن غدًا لناظره قريب ،فإني مشفق عليكم ومحب لكم ،وداعيكم لانشراح الصدر وللأفراح والليالي الملاح ،بنظرة ثاقبة فيها كثير من الحب والتقدير والتفاؤل بالخير وقد قيل ( تفاءلوا بالخير تجدوه ) رزقنا الله القناعة في الدنيا ،وحب الخير ،وانشراحًا في صدورنا ،وطمأنينةً في قلوبنا ،وراحة في نفوسنا .