█▄ قطعة قماش ▀█
.
.
منذ كنت لاشيء ، كُتِبَ في اللوح المحفوظ تاريخ مولدي ،
وحياتي وسعادتي وشقائي ، وحتى لحظةُ مماتي .
فأصبحت علقةً في رحمِ أمي ، فمضغة ، وبث في أحشائها
روحي ، بدأت لحظة الصراع !
تسعة أشهر كنتُ على مشارف أبواب الحياة وظلماتهاا .
فأُطلقت صرخة الوجود .
غُلِفتُ بقطعة قماشٍ بيضاء ، نقية كنقاء روح لم يعتريهاا
أثمٌ ولا إنسٌ ولا جان .
* *
*
فغدوتُ طفلاً ثم شاباً ، وأدركتُ أني في مضمارِ سباق ،
إما أن أحصد وأجني لأقطف ثمار الفلاح ،
وإلا سيكون مصيري الخسران .
لكن الحياة تصفعني من كل جانب ، بهمومٍ بأهآت ،
بماضي ربما يكون عثرةً على مستقبلي ، وحاضر يرتجي
لرسم حلم ، وبينهماا ملهيات وإغراءات دنيا فانية .
وبين النفسُ المدركة والطامعة بالفوز بجنة الأرض وجنةُ السماء .
* * *
نفسٌ تأمر بالعصيان واقتراف السيئات .
أقاتلُ الأهواء ، وأجاهد الغوى ، ولكن الشيطانُ
وسواسٌ خناس .
أعملُ معصية فماأنا إلا مجرد إنسان ، أعصي بسهوٍ
وتارةً عن عمد ، وفي داخلي ضمير يناشد صحوة الخوف
من غضب الباري .
أنسى في يومي تلاوة قرآني وأنسى حتى أذكاري ،
وأعود مع نفسي أحاسبها ، أعاتبها ، وأزجرهاا .
وأقول إلا تستحي من الخالق الوهابِ
أستحي منك ربي على حسن عطائك ، وظلم نفسي لنفسي
وكيف سيكون يومُ التلاقي؟!
كأي إنسانٍ عادي ..
تصيبني العثراتُ والأتراح وتحيطني الظلمات واليأسُ يطرق
بابي ، فتُفتحُ نافذةً من السماءِ بنورِ رباني ، ويلقي بداخلي
السكينة ويلهمني بوعدٍ أن الألم والهم فاني .
* *
*
رحماك ربي .. في ضيقتي أجدك من كل جانب ،
وأنساك أنا في شدتي ورخائي .
ولكن قلبي ينبض بحبك ياإلاهي ، فأكرمني رضاك
والنظر إلى وجهك واجمعني مع خير الأنامِ .
وتسلبني الحياة عمري وأيامي ، وأضحيت كهلاً وخطوط
الكِبر نُحِتت على محياي ، واعترتني لحظةُ المنية
واقترابِ الممامتي
فزاد خوفي ، وزاد رجائي .
خوفي من أن أترك الأهل والأحبابِ ،
وخوفي من وحشة القبرِ ولحظة الحسابِ .
* * *
أدعوك في سري بأن تثبتني يوم البعث ،
ويوم الحشر وعند السؤالِ
ماجنيته في حياتي هاأنا سأتركه ،
وأحمل معيَ فقط حقائب حسانتي
وأعودُ كما أتيت مغلفاً بقطعةِ قماشٍ ، بيضاءُ منظرها
ولكن هل ستكون الروح نقيةً كنقائها يوم ولدّت ولمستُ
نورالحياةِ؟!
* * *
مما راق لي كتب الله لي ولكم الفائدة