الشريمية ..:: جديد ::..

إن علاج هذا الحب وإن لم يرُق للكثير من المصابين به هو بتر العلاقة إن لم تكن مؤهّلة للتتويج بالزواج الشرعي.. فالاستمرار في توطيد العلاقة يؤدّي إلى استفحال حالة الهيام والعشق دون الوصول إلى نتيجة سوى التخبّط بأحلام وأماني وإلى الوصول يوماً إلى ذروة اليأس والألم.. وإن استطاع العاشق أن يخرج من كل المحيط الموجود فيه من يحب لكان خيراً وأجدى.. فلا لقاء ولا مكالمة ولا مراسلة ولا نظرة. ومن دون تدرج وإنما بتر وقطع فوري، هذا لمن خشي على نفسه الفتنة والبعد عن الله جل وعلا.
وهذا الأمر ليس بالهيّن ولا السهل، وإنما بحاجة إلى مجاهدة كبيرة، ولكن حين يعلم المرء أن في هذا القطع سلامة قلبه وحياته فلا بد من الكي لاستئصال الداء. وقد يأخذ الأمر وقتاً على حسب قدرة المحِب النفسيّة ودرجته الإيمانية وعمق علاقته مع المحبوب.. قد يعيش العاشق هذه الفترة في أرقٍ دائم وقلق رهيب وضيق صدر وشوق عارم وسهرٍ متواصل. وقد تخور القوى وتضعف الإرادة وتكون محاولة للتواصل. ولكنها مرحلة وتمضي ليعود القلب للحياة مرة أخرى. ونار البعد عن المعشوق أهون بدرجات من البعد عن الله جل وعلا في الدنيا والآخرة. وشتان بين حياة في عز وقرب من الله جل وعلا وبين التمرّغ في أوحال المعاصي! وهذا وعد الله جل وعلا بالأجر الكبير على الصبر: {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}.
وهنا لا بد أن أشير إلى أن لشخصية الإنسان أهمّية كبرى في تخطّي هذا الأمر أو الانصياع إليه، فالإرادة القوية سلاح قوي في يد المبتلى، ولا شك أن للمحيطين بالعاشق ـ من أهل ودعاة ومربّين ـ الأثر الكبير في مساعدته على الخروج من المحنة بدون خسائر كبيرة. والحياة لا تقف عجلتها عند أمنية لم تتحقق، أو حب لم يكتب له النهاية المرجوّة. تلك وساوس شيطانية ليُقعِد المؤمن عن العمل، ويبقى طريح اليأس والوهم. والمسألة تحكمها العادة، فإن نأى العاشق عن معشوقه وشغل نفسه بالدعوة والعمل وصدق الله جل وعلا في هذا البعد، فسيجد ثمرة جهاده خيراً، وسينسى بعد فترة من الزمن بل أكثر من ذلك، سيشعر العاشق كم أضاع من عمره على ما لا طائل منه ولا رجاء!
_______________________________

يتبع

توقيع
الشريمية ..:: جديد ::..

ومن أساليب العلاج من هذا العشق أيضاً، ولعلّ أهمها هو الدعاء والإلحاح فيه، وصدق التوجّه الى الله جل وعلا. ثم التضرّع الى الرحمن جل وعلا أن يصبِّر الفؤاد ويربط على القلب ويُشغِله بطاعته وذكره. يقول الله جل وعلا: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}. ثم التفكر في الله جل وعلا ومراقبته، والإيمان بأنّ من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه، ذريّة صالحة وزوج كريم والله أكرم. وفي يوسف عليه السلام خير عبرة لمن أراد. ليس فقط في الدنيا، وإنما أيضاً في جنان الخلد والنعيم المقيم. يقول الحق تبارك وتعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}، فالانشغال بالأعمال الصالحة وخاصة الذكر وتلاوة القرآن التي تورِث سكينة وسعادة، والتفكّر في نعيم الجنّة وعذاب الآخرة، واختيار الصحبة الصالحة التي تذكِّر بالآخرة، وإشغال النفس والوقت بأنشطة محبّبة كالرياضة والزيارات والأنشطة الدعوية العامة وغيرها،
وقبل ذلك كله فليتفكّر المبتلى بالعشق كيف سيكون اللقاء مع الله جل وعلا يوم الحساب. وهل سيغنيه هذا العشق الدنيوي عن لذة رؤية الله جل وعلا ومرافقة الحبيب عليه الصلاة والسلام في الجنان،ورضا الله من قبل ومن بعد؟ ولربما إذا تفكّر العاشق بمآسي الأمّة، وكيف يتكالب عليها أعداؤها من كل جانب لشعر بتفاهة ما يمر به، وبتكبيل نفسه في أطرٍ ضيّقة والإسلام مطعون ومحارب. والدماء على طول الخارطة الإسلامية وعرضها. فإن عاش المرء لنفسه شقي، وإن عاش لهدف أكبر سَمَت النفس والقلب ارتقى.

__________________________
يتبع

توقيع
الشريمية ..:: جديد ::..

وأنهي كلامي بموعظة مباركة قرأتها لو وعيَها القلب لوصل لدرجة القرب: “وحين يصدق المسلم في حبه لله تعالى ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه يتحرّر به من ضغوط المادة ودوافع الغريزة، ونزوات الذات وألوان الوهن والضعف البشري، وتنتظم به حياته وفق قِيَم سماوية وموازين علوية. فيتجاوز شوطه سنين هذه الحياة الدنيا إلى الرغبة في العيش الأبدي، وتسمو أهدافه على حرث الدنيا ومتاعها إلى نعيم لا يحول ولا يزول. فحب المسلم لله ولرسوله حب رسالي مقدس: يجعل الشقاء سعادة في طاعتهما.. والسعادة شقاءً في عصيانهما.. والتعذيب راحة في سبيلهما.. والراحة عذاباً في مخالفتهما.. والموت حياة من أجلهما.. والحياة موتاً بدونهما“، {قالَ ربِّ السجنُ أحَبُّ إليّ ممّا يدعونني إليهِ}..”
قارئي الفاضل، إن كنت ممّن ابتليت بالعشق فبادر إلى الصالحات من الأعمال، واخلع ثوب الوهن والضعف، وأقبل على الله جل وعلا، واسجد واقترب، واعلم أنّ:

الحب للرحمن جل جـلاله ** وهو مستحق الحب والأشواق
فاصرفه للملك الجليل ولُذ به ** من كل ما تخشاه من إرهاق

شتان بين حبٍّ يمزق الجسد في سبيل الله فيرقى في جنان الخلد، وبين حبّ يمزّق ثوب الفضيلة ويدنّس.
أطلق صيحة التوبة والإياب وردِّد: {وعجلتُ إليك ربي لترضى}. واذرف دمعة ندمٍ، فهذا حبيبك محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ يتناول الحجر الأسود ويقول: “هنا تُسكَب العبرات يا عمر“! فلا ترضى أنت بالبكاء على الزبد! ولو كنت قد تعرّضت لبعض الزلل والخطأ في علاقة محرّمة فباب التوب مفتوح، وربّنا جلّ وعلا غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى.
ورد أن تائباً قال: يا رب أذنبت قال: وأنا غفرت، قال التائب: ذنوبي تجل عن الإحصاء، قال الرب: ولو بلغت عنان السماء، قال التائب: يا رب أهلكتني السيئات، قال التائب: يا رب تسامحنا على ما فات أما تحاسبنا على تلك الزلات؟ فقال الرب: بل أبدل السيئات حسنات، قال التائب: لا أكرم منك أحد، قال الله: أنا الصمد!
القارئ الكريم.. ألا تريد أن تكون من الذين آمنوا حقاً؟ ممّن قال الله جلّ وعلا فيهم: {والذين آمنوا أشد حبا لله}.
دعوة لقلبي قبل قلبك، ولنفسي قبل غيري، لعلّها تلقى صدى!

إذا كان حب الهائمين من الورى ** بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى أن يصنع الهائم الذي ** سرى قلبه شوقا إلى العالم الأعلى؟!

اللهم يا من قلوبنا بين أصبعين من أصابع رحمتك تقلبهم كيف تشاء، ثبّت قلوبنا على دينك. ولا تجعل أنسنا في غير ذكرك وطاعتك. ولا ترض لنا حباً دونك. واغفر لنا ما مضى. يا واسع الرحمة.
_____________________________
لا تنسونا من صالح دعائكم


توقيع
هبة الله نور ..:: عضو مميز ::..

اللهم اميييييييين ويا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك ودينك
جزاااااااك الله كل خيرا عنا أخي وجعله في ميزان حسانتك والله نصيحة في وقتها أخي تسلم
ونفع بك وعوضك خيرا في دنياك وآخرتك

توقيع
الشريمية ..:: جديد ::..

حياك الله أختي الغالية هبة الله نور
سرني مرورك الطيب
لك تقديري
أختك الشريمية

توقيع

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية