السعادة الزوجية أشبه
بقرص من العسل تبنيه نحلتان ، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه ،
وكثيرون يسألون كيف يصنعون السعادة في بيوتهم ، ولماذا يفشلون في تحقيق هناءة
الأسرة واستقرارها . ولا شك أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين ،
فلا بد من وجود المحبة بين الزوجين. وليس المقصود بالمحبة ذلك الشعور الأهوج
الذي يلتهب فجأة وينطفئ فجأة ، إنما هو ذلك التوافق الروحي والإحساس العاطفي
النبيل بين الزوجين . والبيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها ، بل لا بد
أن تتبعها روح التسامح بين الزوجين ، والتسامح لا يتأتى بغير تبادل حسن الظن
والثقة بين الطرفين .والتعاون عامل رئيسي في تهيئة البيت السعيد ، وبغيره
تضعف قيم المحبة والتسامح . والتعاون يكون أدبياً ومادياً . ويتمثل الأول في
حسن استعداد الزوجين لحل ما يعرض للأسرة من مشكلات ، فمعظم الشقاق ينشأ عن
عدم تقدير أحد الزوجين لمتاعب الآخر ، أو عدم إنصاف حقوق شريكه . ولا
نستطيع أن نعدد العوامل الرئيسة في تهيئة البيت السعيد دون أن نذكر العفة
بإجلال وخشوع ، فإنها محور الحياة الكريمة ، وأصل الخير في علاقات الإنسان
. وقد كتب أحد علماء الاجتماع يقول : " لقد دلتني التجربة على أن أفضل
شعار يمكن أن يتخذه الأزواج لتفادي الشقاق ، هو أنه لا يوجد حريق يتعذر
إطفاؤه عند بدء اشتعاله بفنجان من ماء .. ذلك لأن أكثر الخلافات الزوجية التي
تنتهي بالطلاق ترجع إلى أشياء تافهة تتطور تدريجياً حتى يتعذر إصلاحها " وتقع
المسؤولية في خلق السعادة البيتية على الوالدين ، فكثيراً ما يهدم البيت لسان
لاذع ، أو طبع حاد يسرع إلى الخصام ، وكثيراً ما يهدم أركان السعادة البيتية
حب التسلط أو عدم الإخلاص من قبل أحد الوالدين وأمور صغيرة في المبنى عظيمة
في المعنى . وهاك بعضاً من تلك الوصايا التي تسهم في إسعاد زوجك : 1.
لا تُهنْ زوجتك ، فإن أي إهانة توجهها إليها ، تظل راسخة في قلبها وعقلها .
وأخطر الإهانات التي لا تستطيع زوجتك أن تغفرها لك بقلبها ، حتى ولو غفرتها
لك بلسانها ، هي أن تنفعل فتضر بها ، أو تشتمها أو تلعن أباها أو أمها ، أو
تتهمها في عرضها . 2. أحسِنْ معاملتك لزوجتك تُحسنْ إليك ، أشعرها أنك
تفضلها على نفسك ، وأنك حريص على إسعادها ، ومحافظ على صحتها ، ومضحٍّ من
أجلها ، إن مرضتْ مثلاً ، بما أنت عليه قادر . 3. تذكر أن زوجتك تحب أن
تجلس لتتحدث معها وإليها في كل ما يخطر ببالك من شؤون. لا تعد إلى بيتك مقطب
الوجه عابس المحيا ، صامتا أخرسا ، فإن ذلك يثير فيها القلق والشكوك
.!! 4. لا تفرض على زوجتك اهتماماتك الشخصية المتعلقة بثقافتك أو تخصصك ،
فإن كنت أستاذا في الفلك مثلا فلا تتوقع أن يكون لها نفس اهتمامك بالنجوم
والأفلاك !! 5. كن مستقيما في حياتك ، تكن هي كذلك . ففي الأثر : " عفوا
تعف نساؤكم " رواه الطبراني . وحذار من أن تمدن عينيك إلى ما لا يحل لك ،
سواء كان ذلك في طريق أو أمام شاشة التلفاز ، وما أسوأ ما أتت به الفضائيات
من مشاكل زوجية !! 6. إياك إياك أن تثير غيرة زوجتك ، بأن تذكِّرها من حين
لآخر أنك مقدم على الزواج من أخرى ، أو تبدي إعجابك بإحدى النساء ، فإن ذلك
يطعن في قلبها في الصميم ، ويقلب مودتها إلى موج من القلق والشكوك والظنون .
وكثيرا ما تتظاهر تلك المشاعر بأعراض جسدية مختلفة ، من صداع إلى آلام هنا
وهناك ، فإذا بالزوج يأخذ زوجته من طبيب إلى طبيب !! 7. لا تذكِّر زوجتك
بعيوب صدرت منها في مواقف معينة ، ولا تعـيِّرها بتلك الأخطاء والمعايب ،
وخاصة أمام الآخرين . 8. عدِّل سلوكك من حين لآخر ، فليس المطلوب فقط أن
تقوم زوجتك بتعديل سلوكها، وتستمر أنت متشبثا بما أنت عليه ، وتجنب ما يثير
غيظ زوجتك ولو كان مزاحا . 9. اكتسب من صفات زوجتك الحميدة ، فكم من
الرجال ازداد التزاما بدينه حين رأى تمسك زوجته بقيمها الدينية والأخلاقية ،
وما يصدر عنها من تصرفات سامية 10. الزم الهدوء ولا تغضب فالغضب أساس
الشحناء والتباغض . وإن أخطأت تجاه زوجتك فاعتذر إليها ، لا تنم ليلتك وأنت
غاضب منها وهي حزينة باكية . تذكَّر أن ما غضبْتَ منه - في أكثر الأحوال -
أمر تافه لا يستحق تعكير صفو حياتكما الزوجية ، ولا يحتاج إلى كل ذلك
الانفعال . استعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وهدئ ثورتك ، وتذكر أن ما بينك
وبين زوجتك من روابط ومحبة أسمى بكثير من أن تدنسه لحظة غضب عابرة ، أو ثورة
انفعال طارئة 11. امنح زوجتك الثقة بنفسها . لا تجعلها تابعة تدور في
مجرَّتك وخادمة منفِّذةً لأوامرك . بل شجِّعها على أن يكون لها كيانها
وتفكيرها وقرارها . استشرها في كل أمورك ، وحاورها ولكن بالتي هي أحسن ، خذ
بقرارها عندما تعلم أنه الأصوب ، وأخبرها بذلك وإن خالفتها الرأي فاصرفها إلى
رأيك برفق ولباقة . 12. أثن على زوجتك عندما تقوم بعمل يستحق الثناء ،
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " رواه
الترمذي . 13. توقف عن توجيه التجريح والتوبيخ ، ولا تقارنها بغيرها من
قريباتك اللاتي تعجب بهن وتريدها أن تتخذهن مُثُلاً عليا تجري في أذيالهن ،
وتلهث في أعقابهن 14. حاول أن توفر لها الإمكانات التي تشجعها على
المثابرة وتحصيل المعارف . فإن كانت تبتغي الحصول على شهادة في فرع من فروع
المعرفة فيسِّرْ لها ذلك ، طالما أن ذلك الأمر لا يتعارض مع مبادئ الدين ،
ولا يشغلها عن التزاماتها الزوجية والبيتية . وتجاوبْ مع ما تحرزه زوجتك من
نجاح فيما تقوم به 15. أنصتْ إلى زوجتك باهتمام ، فإن ذلك يعمل على
تخليصها مما ران عليها من هموم ومكبوتات ، وتحاشى الإثارة والتكذيب ، ولكن
هناك من النساء من لا تستطيع التوقف عن الكلام ، أو تصبُّ حديثها على ذم أهلك
أو أقربائك ، فعليك حينئذ أن تعامل الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة 16.
أشعر زوجتك بأنها في مأمن من أي خطر ، وأنك لا يمكن أن تفرط فيها ، أو أن
تنفصل عنها 17. أشعر زوجتك أنك كفيلٌ برعايتها اقتصاديا مهما كانت ميسورة
الحال ، لا تطمع في مالٍ ورثتْـهُ عن أبيها ، فلا يحلُّ لك شرعاً أن تستولي
على أموالها ، ولا تبخل عليها بحجة أنها ثرية ، فمهما كانت غنية فهي في حاجة
نفسية إلى الشعور بأنك البديل الحقيقي لأبيها . 18. حذار من العلاقات
الاجتماعية غير المباحة . فكثير من خراب البيوت الزوجية منشؤه تلك
العلاقات 19. وائم بين حبك لزوجك وحبك لوالديك وأهلك ، فلا يطغى جانب على
جانب ، ولا يسيطر حب على حساب حب آخر . فأعط كل ذي حق حقه بالحسنى ، والقسطاس
المستقيم 20. كن لزوجك كما تحب أن تكونَ هي لك في كل ميادين الحياة ،
فإنها تحب منك كما تحب منها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : إني أحب أن
أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي 21 . أعطها قسطا وافرا وحظا يسيرا من
الترفيه خارج المنزل ، كلون من ألوان التغيير ، وخاصة قبل أن يكون لها أطفال
تشغل نفسها بهم . 22 . شاركها وجدانيا فيما تحب أن تشاركك فيه ، فزر أهلها
وحافظ على علاقة كلها مودة واحترام تجاه أهلها 23. لا تجعلها تغار من عملك
بانشغالك به أكثر من اللازم ، ولا تجعله يستأثر بكل وقتك، وخاصة في إجازة
الأسبوع ، فلا تحرمها منك في وقت الإجازة سواء كان ذلك في البيت أم خارجه ،
حتى لا تشعر بالملل والسآمة . 24. إذا خرجت من البيت فودعها بابتسامة وطلب
الدعاء . وإذا دخلت فلا تفاجئها حتى تكون متأهبة للقائك ، ولئلا تكون على حال
لا تحب أن تراها عليها ، وخاصة إن كنت قادما من السفر . 25. انظر معها إلى
الحياة من منظار واحد ..وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء
بقوله:" أرفق بالقوارير " رواه أحمد في مسنده ، وقوله : " إنما النساء شقائق
الرجال " رواه أحمد في مسنده ، و قوله : " استوصوا بالنساء خيرا " رواه
البخاري 26. حاول أن تساعد زوجك في بعض أعمالها المنزلية ، فلقد بلغ من
حسن معاشرة الرسول صلى الله عليه وسلم لنسائه التبرع بمساعدتهن في واجباتهن
المنزلية . قالت عائشة رضي الله عنها : " كان صلى الله عليه وسلم يكون في
مهنة أهله -يعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة " رواه
البخاري 27. حاول أن تغض الطرف عن بعض نقائص زوجتك ، وتذكر ما لها من
محاسن ومكارم تغطي هذا النقص لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم " لا
يفرك ( أي لا يبغض ) مؤمنٌ مؤمنة إن كرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر "
28 . على الزوج أن يلاطف زوجته ويداعبها ، وتأس برسول الله صلى الله عليه
وسلم في ذلك : " فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ؟ " رواه البخاري ، وحتى عمر بن
الخطاب رضي الله عنه - وهو القوي الشديد الجاد في حكمه - كان يقول : " ينبغي
للرجل أن يكون في أهله كالصبي ( أي في الأنس والسهولة ) فإن كان في القوم كان
رجلا " . 29. استمع إلى نقد زوجتك بصدر رحب ، فقد كان نساء النبي صلى الله
عليه وسلم يراجعنه في الرأي ، فلا يغضب منهن 30 . أحسن إلى زوجتك وأولادك
، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم خيركم لأهله " رواه الترمذي ،
فإن أنت أحسنت إليهم أحسنوا إليك ، وبدلوا حياتك التعيسة سعادة وهناء ، لا
تبخل على زوجك ونفسك وأولادك ، وأنفق بالمعروف ، فإنفاقك على أهلك صدقة . قال
صلى الله عليه وسلم : " أفضل الدنانير دينار تنفقه على أهلك … " رواه مسلم
وأحمد .
النص منقول
|