قصة المثل (غذ جريّك ياكلك )
(الجري) هو تصغير (جرو) وهو ولد الكلب (أعزكم الله) الصغير يمسى (جرواً) وهذا المثل يضرب لمن تحسن إليه وتبذل وتعمل به الجميل ثم يتنكر أو يجازيك بالعكس وقد تكلم الشعراء في هذا الموضوع من قديم ومنه قول الشاعر العربي :
ومن يصنع المعروف في غير أهله
*************** يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر
ويقول الشاعر الشعبي :
أشهد أن من يبذل الجود باللي ما يجود
*************** مثل من حجج على غاربه ذباح أبوه
نرجع إلى القصة :
أول من قال المثل هو الشاعر الكريم (عدوان الهربيد) من (السويد من شمر) ، توفي أخاه وله (ولد) اسمه (جريس) يبلغ من العمر (خمس) سنوات .
فتزوج (عدوان) أرملة (أخيه) علماً أن عنده أولاد وزوجة ، لكن كان الدافع لهذا الزواج هو خوفه على (إبن أخيه) بأن تتزوج أمه ثم يقوم على تربيته غيره ، فمن الشفقه والعطف تزوج بـ (أرملة أخيه) ليكونا تحت كنفه ورعايته .
قام (عدوان) بتربية (جريساً) تربية حسنة وبل وأخذ يقدمه على أولاده في كل شيء ، حتى في الأكل كان يعطيه بخفيه عنهم إذا كان الطعام قليلاً ، بل وزاد إنه إذا جلب الصيد وكانت الصيدة صغيرة أخفاها عن أولاده وأعطاها (جريساً) ، وهو مع ذلك معلق الآمال بعد الله بأن يقوم هذا الولد برد الجميل وأنه سيكون باراً به ، أرحم له من أولاده ، وهذا هو المفروض نظير ما قام به من تفضيل وحسن تربية .
وعندما بلغ (جريساً) سن (الثامنة عشرة) أو أكثر ، تغيرت معاملة (جريس) لعمه (عدوان) الذي هو بمثابة (أبوه) ، أقول تغيرت معاملة الإبن (جريس) حتى في الكلام ، وابتعد (جريس) عن عمه أكثر فأكثر مع مرور الوقت ، بل إنه في بعض الأوقات يكلم (عدوان) العم (جريس) الإبن فلا يرد وإن رد نهر عمه وسبه ورفع صوته عليه .
وفي مرة من المرات دعا (عدوان) (إبن الأخ) قائلاً (يا جريس) ، فقال ماذا تريد من جريس ، رافعاً صوته ، مكرراً لتجاوزاته ، رامياً بعرض الحائط بمقام عمه ، ومتناسياً حسن التربية والإهتمام ، وجاحداً أفضاله عليه ، وهنا وصل الأمر بالعم المكلوم حداً لا يمكن معه السكوت فقال كلمته المشورة التي غدت مثلاً يضرب إلى اليوم قال (غذ جريك ياكلك) .
ثم تركه عمه ولم يطلب منه شيء بعدها وكما قيل قطع الرجاء والأمل من ابن أخيه ، ثم قال القصية التالية :
يا (جريس) يا مشكاي شاكن واشاكيك
*************** أشوفها من يم الأقراب ضاقة
يا (جريس) أخذت امك على شان (تاليك)
*************** ما همني زينة ولاهي عشاقه
عمك ولو بي تنشده كان ينبيك
*************** وش حق من رباك طفل حواقه
يا ما على متني تعاقبن أياديك
*************** أنقلك أنا يا جريس مثل العلاقة
وياما بعد لات الشبايا إنعشيك
*************** وحط لك غير الخزيزة إلحاقه
إلى قوله :
لين الذي بدقون ربعك نبت فيك
*************** وأظن في نبت اللحى افتراقه
واليوم يوم كبرت ومتنت علابيك
*************** جمعت مع شين الطبايع نزاقه
سبع العوذ يا (جريس) خلن وخليك
*************** يا (جريس) ماب إعيال الاخوان فاقه
إلى قوله :
لا صار بالدنيا صديقك يقاصيك
*************** ما من ورى عوج النصايب صداقه
تيس يحطه (وال) الأقدار بيديك
*************** أحلى من الشر شوح عند الرفاقه
رحم الله الجميع وغفر الله لموتانا وموتى المسلمين .
المصدر بتصرف :
قصة مثل ، لـ(ناصر بن عبدالله المسيميري)
العرض العادي
