في مساء يوم الاثنين 21رجب1433هـ أوقفت سيارتي امام احد الأسواق انا و اطفالي الصغار منتظرين زوجتي وولدي الكبير الذين ذهبا الى السوق لشراء هدايا النجاح .
كنت اجول بنظري هنا وهناك يشاركني اطفالي التعليق البريء (هذا هديته دب) والثاني (دراجه) والاخر(كورة) وتلك(عروسه)...وهكذا (((حتى لا تفهموني غلط..)))
وبينما نحن كذلك ، إذ بهذه المرأة واقفة على يمين الداخل الى السوق معها ((عربة تسوق)) بها بعض الأغراض ، يرافقها ثاثة أطفال أصغرهم مستلقي فوق الأغراض بداخل العربية والبنت في عمر الأربع سنوات واقفة بجوار العربية ويبدو عليها الأهمال من الأم ((الشعر متناثر)) والملابس((رثة)) والوجه((شاحب))والطفل الثالث ((ليس بعيد من اخته في العمر والمظهر)).
اما الأم.
كانت في كامل زينتها ((اللثمة))و((مكياج السوق))و((العباة الأنيقة))و((الصدر المرتز)) ، ولكن يبدو عليها شيء من الارتباك ، والتلفت المتسارع في كل الاتجاهات ، تنبئك بقلقها.
مشهد جعلني اراقب الأمر ، ومع قليل من الانتباه الذي لم يكلفني جهد او تفكير ، إذ بذلك الرجل في سيارة مقابلة للمرأة ، يلوح لها بالمناديل ، والاوراق ، والاشارات القديمة التي استهلكت من عشرات السنين وحلت محلها التقنية .
وبتحليل بسيط لحركاتهما اتضح لي تقريبا انهما من عمر الأربعييات((اي من جيل قبل طفرة التقنية)).
عندما يتواجهان بالنظر المباشر ((الظهور المتبادل للوجهين)) ،،يرسل ذلك الرجل قبلته اللاسلكية من خلف مقوده ، وما ان تصطدم تلك القبلة بالمرأة تلف جسمها ناحية الجنوب لتتنهد تنهدا عميقا تلاحظه من حركة الصدر ، ثم تكمل الدوران شرقا لتراقب الخارجين من باب السوق ، ثم تكمل الدوران شمالا لتجول بنظرها في العالمين الآتين الى السوق ، وترقبهم قليلا ثم تيمم وجهها شطره غربا لتتزود بقبلة لاسلكية اخرى ، وعلى هذا الحال مدة ليست بالقليلة.
ترجل ذلك الفارس المغوار والصياد البارع من سيارته واضعا يديه في جيبه متلفتا في كل اتجاه ، متقدما في ثبات ناحية تلك (((البقرة))) ، اقتربا من بعضهما ، اسرعا الطفلين للإختباء وراءها من ذلك ((الثور))
والصغير يغط في نوم عميق داخل العربية بين اكياس ، الكوسا ووووو، قلت في نفسي لعله يناولها بعض النقود او الحلوى للاطفال رغم تأكدي ولكن محاولة في (((تصفية النية)))
ولكن الموضوع اكبر من ذلك ، انه يناولها ورقة صفراء صغيرة في ارتباك واضح بعيدا عن ثبات المتصدقين ، ثم يغادر الى سيارته منتصرا .
اما المرأة فقد سحبت الورقة بسرعة فائقة وفتحت حقيبتها واودعتها في مأمن داخل دهاليز تلك الحقيبة.
رغم سردي للقصة كما رأيتها فإني اعتذر من اشخاصكم العزيزة واذواقكم الكريمة عن كل حرف سطرته لا يرقى لكريم متابعتكم .
فقد احزنني ما شاهدته كثيرا جعل في القلب كمدا وفي العين دمعة امام اطفالي لأسباب هي.
اولا: نحن مسلمين وفي بلد اسلامي.
ثانيا: هي أم لأطفال وهي زوجة وكبيرة في السن يفترض فيها العقلانية والنضج .
ثالثا:يفترض بالرجل الشهامة والغيرة على محارم المسلمين ويكون له دور في الاصلاح والنصح وليس الفساد والافساد.
رابعا:اولئك الأطفال الذين يلعب بعرضهم امام اعينهم البريئة .
خامسا:ذهب الحياء من الله ومن الناس فأنا شاهدت وغيري اكيد شاهد ، وهم يعلمون ، ولا اعتقد انهم اغبياء حتى يظنون انهم في معزل عن اعين الناس.
سادسا:ذهب الزمان بهم ، فكيف كان حالهم ، وكم يظنون انهم سيعيشون ، غفلوا عن التوبه والانابة وقرب الممات.
سابعا: هم من جيل قبل التقنية فماهو حال الشباب والشابات في هذا الزمان والزمان الآتي.
أمور كثيرة نسأل الله اللطف والستر والمغفرة