المشاهد ...::: عضو مميز :::...

عشر ذي الحجة عشر عظيمة مباركة، فضلها الله تعالى على غيرها من الأيام، فأقسم سبحانه بها في كتابه العزيز [وَالفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ] {الفجر:2} جاء في حديث جابر عند أحمد: أنها عشر ذي الحجة، واختصها الله تعالى بذكره سبحانه [لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ] {الحج:27} فالأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، وقد اختار الله تعالى أن يكون العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها؛ كما جاء في حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال ( ما الْعَمَلُ في أَيَّامِ العشرِ أَفْضَلُ من العمل في هذه، قالوا: ولا الْجِهَادُ؟ قال: ولا الْجِهَادُ إلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) رواه البخاري.

وفي لفظ لأبي داود (ما من أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فيها أَحَبُّ إلى الله من هذه الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْر، قالوا: يا رَسُولَ الله، ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله؟ قال: ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ من ذلك بِشَيْءٍ)

وفي رواية للدارمي ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى ... وكان سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه).

وما اختار الله تعالى فضيلة العمل الصالح في عشر ذي الحجة على غيرها إلا لعظيم منزلتها عنده عز وجل، وهو سبحانه يخلق ما يشاء ويختار، ويفضل من الأيام والأعمال ما يشاء.

وقد دل على فضلها حديث جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة، قال: فقال رجل: يا رسول الله، هنَّ أفضل أم عِدَّتُهن جهادا في سبيل الله؟ قال: هنَّ أفضل من عِدَّتِهِن جهادا في سبيل الله) صححه ابن حبان.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى( والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره) اهـ

ومما يدل على فضل عشر ذي الحجة وقوعُ يومين عظيمين فيها هما يوم عرفة ويوم النحر:

أما يوم عرفة فقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من يَوْمٍ أَكْثَرَ من أَنْ يُعْتِقَ الله فيه عَبْدًا من النَّارِ من يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فيقول ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ)رواه مسلم.

وأما يوم النحر فجاء فيه حديث عبدِ الله بن قُرْطٍ رضي الله عنه عن النبي قال (إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ) رواه أبو داود.

وقد ذكر ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى أنّ أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان باعتبار أيام التروية وعرفة والنحر، وأنّ ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة باعتبار ليلة القدر فيها.

وذكر ابن رجبٍ رحمه الله تعالى: أنّ مجموع عشر ذي الحجة أفضل من مجموع عشر رمضان وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها» اهـ.

فاتقوا الله -عباد الله- وجِدُّوا واجتهدوا في هذه العشر المباركات، واقدروها حق قدرها كما فضلها الله تعالى على سائر أيام العام، وعظموا فيها حرمات الله عز وجل [ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ] {الحج:30} وفي الآية الأخرى[ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ] {الحج:32}.

و مما يلاحظ على الناس في هذه الأزمان المتأخرة عناية كثير منهم بعشر رمضان الأخيرة حتى إن كثيرا منهم يعتكفون في المساجد، أو يشدون رحالهم فيجاورون في الحرمين أو المسجد الأقصى، وهذا عمل طيب، وسعي مشكور، ولكنّ كثيرا منهم يَغْفُلُون عن عشر ذي الحجة رغم أنّ العمل فيها أفضل من العمل في عشر رمضان؛ كما هو ظاهر الأحاديث.

ومع انفتاح الدنيا على كثير من الناس باتوا يستغلون كل إجازة قصيرة أو طويلة، بما في ذلك إجازة عيد الأضحى في الترفيه واللعب والغفلة، بالنزهة في البراري والمنتجعات والاستراحات، وكثير منهم يشدون رحالهم فيسافرون للترويح واللهو، فيقضون الأيام المباركة التي فُضِّل العمل فيها على سائر الأيام فيما لا ينفعهم، ولربما ألحقوه بما يضرهم من تضييع الجمع والجماعات، والتهاون بالصلوات، وترك نوافل العبادات، والغفلة عن ذكر الله تعالى وشكره، وقد يشاهدون في أسفارهم ومنتزهاتهم منكرات لا يستطيعون إنكارها، ولا يفارقونها فيتحملون آثام سكوتهم عنها، ولاسيما من يسافرون خارج البلاد، وقد يوقعون أنفسهم أو أولادهم فيما حرم الله تعالى عليهم وهم في غنى عن ذلك.

فالحجاج يقدمون من كل فج، ويتحملون كثرة النفقات، ومشقة السفر، وشدة الزحام والانتظار في المطارات؛ لأداء مناسكهم، وتعظيم شعائر الله تعالى، وذكره في الأيام المعلومات، وهؤلاء على العكس من ذلك، يتحملون مشقة الرحلة، وعَنَتَ السفر ونفقاته فيما يشغلهم عن عمارة هذه الأيام بذكر الله تعالى وعبادته، وحري بكثير منهم - ولو احتاطوا - أن يقعوا في الوزر، ولا يسلموا من الإثم هم ورفقتهم من أهلٍ وولد في أيام عظمها الله تعالى، وفضل العمل الصالح فيها، فأيّ حرمان ينتظر هؤلاء! وأيّ خسارة يخسرونها في هذا الموسم المعظم ؟!

ألا فاتقوا الله ربكم، واستعدوا لما تستقبلونه من عشركم، بالعمل الصالح الذي تجدونه ذخرا لكم؛ فإنّ مشقة العمل الصالح تزول ويبقى الأجر، وإنّ لذة المعاصي تزول ويبقى الوزر. وإنّ من الخسران أنْ تكون هذه العشر المباركة عند الناس كغيرها من الأيام، فلا يعظمونها كما عظمها الله تعالى، ولا يخصونها بمزيد عمل واجتهاد، فكيف إذا قضوها في الرحلات والأسفار والترويح والغفلة عن ذكر الله تعالى؟!

وأكثروا في هذه العشر المباركة من ذكر الله تعالى فقد وصاكم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كما في حديث ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما من أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ الله وَلاَ أَحَبُّ إليه الْعَمَلُ فِيهِنَّ من هذه الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ والتحميد) رواه أحمد.

(وكان ابنُ عُمَرَ وأبو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إلى السُّوقِ في أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ الناس بِتَكْبِيرِهِمَا) رواه البخاري معلقا.

والأضحية عمل مبرور، وسعي مشكور، ونفقة لله تعالى مخلوفة، مع ما يستفيده المضحي من الانتفاع بلحمها، وشكر الله تعالى عليها، فهو المنعم بها، وهو المكافئ عليها، ولا يأخذ سبحانه منها شيئا [لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ] {الحج:37}.

ومن كان في نيته أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره من أول ليالي العشر؛ لما جاء في حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَنْ يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شيئا)وفي رواية(فلا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا ولا يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا) رواه مسلم.

نعومة1428 ..:: عضو مميز ::..

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
وجزاك الله خيرا

توقيع

شكر خاص للجوكر والساهر على التوقيع
ألج ــــرح أرح ــــــم ..!! ..:: مشطب العضوية و مطرود ::..

الله يسر امرك ويرزقك ويهنيك على اهتمامك الرهيب ويغفر لك ذنوبك ويكتب لك ثواب الشعث الغبر



نعومة رائعة مميزة هادفة اتمنى لك من اعماق قلبي التوفيق

الميهاف ..:: عضو متميز ::..

بارك الله فيك

مشاري11 ..:: عضو مميز ::..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية