السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فن التعامل مع الناس من الواجب تعلمه , ومهارة من
المفيد اكتسابها, و أسلوب حياة يلزم إجادته. و هي من
أهم الفنون نظرا لإختلاف طبائع الناس, ومن السهل أن
نخسر احترام و تقدير وحب الآخرين لكن في المقابل من
الصعب أن نحوز عليها, لأن الهدم أسهل من البناء.
فإن استطعت توفير بناء جيد من حسن التعامل فإن هذا
سيسعدك أنت في المقام الأول لأنك ستشعر بحب الناس
إليك و حرصهم على مخالطتك و يسعد من تخالط
ويشعرهم بمتعة التعامل معك. ففن التعامل .. مفتاح قلوب الناس.
ولكي تكون صاحب أثر عميق في نفوس أصدقائك و
سلوكهم و أخلاقهم فلابد أن تعمل على امتلاك نفوسهم, و
أن تمد جسور المودة و الألفة بينك وبينهم.
إن الوصفة السحرية لدخول قلوب الناس و التأثير فيهم هي حسن المعاملة.
فبالحب تؤثر في قلوب الآخرين و تلعب العواطف
والمشاعر و الأحاسيس الدور الأساسي و الأعمق في
هندسة وبناء العلاقات الإنسانية بين الناس, ويضرب لنا
النبي صلى الله عليه وسلم المثل والقدوة في ذلك, فقد كان
صلى الله عليه وسلم أقدر الناس على التعامل مع هذه
المشاعر, بما منحه الله من حسن الخلق و طيب النفس,
حتى كان صلى الله عليه وسلم أعمق الناس أثرا في نفوس
من عايشوه بل و في نفوس من سمعوا عنه ولم يروه, و
بما أن فن التعامل مع الآخرين خصلة مهمة في حياتنا,
أود أن أضع لكم بعض فنون التعامل مع الآخرين.
من الوسائل التي تساعدك على كسب قلوب أصدقائك و
التأثير فيها:
· إلقاء السلام فهو وسيلة لكسب الناس و إستمالة قلوبهم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم
( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم)
· الابتسامة و ما لها من سحر جذاب في كسب القلوب,
حاول أن تكون دائما مبتسما و بشوشا لأن البشاشة
والتبسم عند اللقاء تزرع في القلوب محبة فهي تعرف
طريقها الى القلب، وقد جاء في وصف بعض الصحابة له
صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من
رسول الله صلى الله عليه وسلم". فبالابتسامة تجعلك
مقبولا لدى الناس حتى ممن لا يعرفوك جيدا.
· عامل الناس بأحب الأشياء التي أنت تريد أن يعاملونك
حتى يتأثروا بك و تكون لهم أعز الأحباب.
· ومن أهم الأسباب التي تفيد في حسن التعامل مع
الآخرين التعارف, والحب, و الحوار, وسلامة الصدر, والتعاون.
فبالتعارف تتم أولى خطوات التقارب و التأثير, وسع دائرة
معارفك لتكون أصدقاء جدد, تفقد أحوالهم, و احرص
بمناداتهم بأحب الأسماء إليهم,كما يقول صلى الله عليه
وسلم ( إذا آخى الرجل الرجل فليسأله عن اسمه و اسم
أبيه, وممن هو, فإنه أوصل للمودة) أخرجه الترمذي و قال الألباني أن إسناده ضعيف.
وبالحب الصادق الذي ليس هدفه الأول المصلحة بل تحب
لأخيك ما تحبه لنفسك, فالحب من الصفات الهامة التي
خلقها الله تعالى في النفس ليكون دافعا لحسن العمل و
للتأثير والتأثر و البذل والعطاء و التعاون والتسامح ونحو ذلك.
وفي الحوار حاول أن تنتقي كلماتك, كما عليك أن تختار
موضوعا محببا للحديث, و أن تبتعد عما ينفر الناس من
المواضيع, فحديثك دليل شخصيتك, و في المقابل استمع
للآخرين عندما يتحدثون معك, اترك ما تقوم به وأصغي
وانظر إليهم فكما ترغب أن تكون متحدثا جيدا فعليك
بالمقابل أن تجيد فن الإصغاء لمن يحدثك.
وبسلامة الصدور من الضغائن و الأحقاد تتآلف القلوب
و بعفة النفس وعدم النظر بما عند الآخرين, كما يقول
صلى الله عليه وسلم ( وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ) جزء من حديث أخرجه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ( لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا ولا
تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ).
حاول أن تكون متعاونا مع الآخرين ودع عنك ظن السؤ
بهم واسعي لهم بالخير يمينا ويسارا, ولا تقول أنا فعلت كذا و كذا.
كما أن هناك عدة خصال يجب على الإنسان مراعاتها في
التعامل مع الآخرين منها:
· احرص على زيارة الناس و اختر الأوقات المناسبة للزيارة.
· اختر الهدية المناسبة للشخص الذي سوف تهديه,
فأثرها المعنوي أكثر من قيمتها المادية فالرسول عليه
الصلاة والسلام يقول ( تهادوا تحابوا ) و راع الزمان والمكان, و لا تنسى
أن تعطي الهدية يدا بيد مع ابتسامة صادقة.
وان لم تستطع فالكلمة الطيبه صدقه
· عدد إيجابيات الآخرين قبل أن تعدد سلبياتهم و أظهر
لهم أنك معجب بأخلاقهم وأحاسيسهم الصادقة فالمدح هو
مفتاح للقلوب ولكن امدح الإنسان بما فيه و عدم المبالغة في المدح.
عامل الناس بالرفق واللين والبعد عن الشدة و الغلظة,
(( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ
لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ))
وأعفو عند الزلات ( و الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).
ومن أعظم أسباب التودد إلى الناس عند مخالطتهم
التواضع لهم والسهولة معهم، ومن نظر في سيرة
المصطفى صلى الله عليه وسلم وجده مثالاً رائعًا للتودد
والتحبب إلى الناس بتواضعه ورقته ولينه معهم وصدق
· كن حسن الخلق, ولا شك أن حسن الخلق ورقة الطبع
من أسباب التودد إلى الناس، عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إن أقربكم منزلا مني يوم القيامة أحسانكم أخلاقا في الدنيا ) صحيح الجامع حديث رقم (1573).
كما أن الناس أصناف, فمنهم الشيوخ والأكابر, و منهم
الأصحاب, ومنهم الصغار, ولكل فئة منهم معاملة خاصة.
فمعاملة الشيوخ والأكابر, باحترامهم و القيام بخدمتهم,
ومعاملة الأصحاب, بالنصيحة وبذل الجهد, و معاملة
الصغار, بالإرشاد والدلالة على الخير.
وهناك شخصيات مختلفة يجب مراعاتها في التعامل معها
فمثلا الشخصية الخشنة, اعمل على ضبط أعصابك و لا
تحاول إثارته بل جادله بالتي هي أحسن. أما الشخصية
الودودة البسيطة, قابله باحترام. و الشخصية المترددة,
خفف من درجة قلقه و حاول أن تزرع الثقة في نفسه. أما
الشخصية العدوانية المستعدة للتشاجر, حافظ على هدوءك
معه دائما و لا تنفعل أمامه ولا تأخذ كلامه على أنه يمس
شخصيتك. أما شخصية المدعي المعرفة, تقبل تعليقاته
ولكن عليك أن تثابر في عرض وجهة نظرك باستعمال
نعم .......ولكن. أما الشخصية المعارضة, دعم وجهة
نظرك بالأدلة للرد على اعتراضاته و قدم أفكارك الجديدة
بالتدريج. و أخيرا الثرثار, لتكن صبورا في تعاملك معه و
أثبت له أهمية الوقت و أنك حريص عليه.
هذه أمور يجب مراعاتها في التعامل مع الآخرين و حتى لا
تشعر بالملل و كما تراعي الآخرين, لا بد أن لا تنسى
نفسك, فبين الحين والآخر, وحتى تستطيع المثابرة
والتواصل والتحمل, أعطي نفسك وقتا للراحة والتأمل
والخلوة مع الله و تذكر إن التحبب إلى الناس يحتاج بعد
توفيق الله إلى فقه في معاملتهم، ولو عملنا بحديث النبي
صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه:
"إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط
الوجه وحسن الخلق". لكفانا. وانك كلما قدمت الخير فإن
الله به عليم ..
وأن الله لا يضيع من أحسن عملا.
م / ن
العرض العادي
