حلّت الكاتبة الكويتية ليلى العثمان ضيفة على «منتدى المرأة العربية والمستقبل» الذي عقد في فندق «فينيسيا» في بيروت حيث تم تكريمها الى جانب مجموعة من الاسماء النسائية اللامعة في اكثر من مجال.
العثمان اعربت عن سعادتها بهذا التكريم واعتبرته مردوداً يدفعها الى الاستمرار ويجعلها تفرح في لحظات حزنها.
وعن وصفها بانها كاتبة مشاكسة، اوضحت انها حملت هذا اللقب بعد المحاكمة التي تعرضت لها في الكويت نتيجة كتاباتها الجريئة ونقاشاتها وحواراتها في بعض البرامج التلفزيونية، معتبرة ان ابداء الرأي الحقيقي والصريح لا يعتبر مشاكسة.
وأشارت العثمان الى ان اكثر ما تحتاج اليه في هذه المرحلة هو ان تعيش سلاماً، فشقيقتها تعاني مرض السرطان وباتت على شفير الموت، وهي لا تشاهد عبر نشرات الاخبار سوى نضال احزاب دينية لا تؤيده، مطالبة الانسان العربي بان يناضل بنفسه بدل ان يوكل المهمة الى جماعات دينية.
ورأت العثمان ان المرأة الكويتية تعمل بجد من اجل الحصول على حقوقها، لكنها اعتبرت ان اكبر مصيبة تعيشها المرأة الكويتية هي الفتوى التي اصدرتها وزارة الاوقاف بفرض الحجاب على النساء، مؤكدة انها لو اجبرت على ارتداء الحجاب فستترك الكويت.
«الراي» التقت الكاتبة ليلى العثمان على هامش مشاركتها في «منتدى المرأة العربية والمستقبل»، واجرت معها الحوار الآتي:

• ماذا عن مشاركتك وتكريمك في «منتدى المرأة العربية والمستقبل» الذي عقد في بيروت؟
ابلغت من رئيسة المنتدى نادين ابو زكي انني سأكون من بين النساء المكرمات في المنتدى.
اي كاتب يفرح بأي تكريم لانه يشعر بأنه لم يجتهد عبثا ولم يضيع عمره في السهر والكتابة والغربة عن اولاده من دون جدوى.
التكريم ولو كان بسيطاً له مردود يدفع الكاتب الى الاستمرار ويجعله يفرح حتى في لحظات حزنه.
لا اخفيك بأنني أعيش حالة حزن بسبب مرض شقيقتي، وليس غريباً ان يكون لبنان هو البلد الذي يقف وراء تكريمي لأن الكويتيين واللبنانيين شعب واحد، وتجمع بيننا المحبة.
• خلال تعريفك تم وصفك بـ «الكاتبة المشاكسة»، هل اعجبك هذا الوصف؟
بعد المحاكمة التي تعرضت لها في الكويت لمدة اربع سنوات نتيجة كتاباتي الجريئة، وظهوري في بعض البرامج التلفزيونية ونقاشاتي وحواراتي الجريئة، لا اصف نفسي بانني مشاكسة بل صاحبة رأي حقيقي وصريح. فأنا لا اخشى ابداء رأيي في اي قضية خوفاً من احد، وهذا يتسبب لي بالمشاكل احياناً. يسمونني مشاكسة ولكن للمشاكس معنى آخر يعني افتعال كل شيء من اجل البروز ولفت الانظار. وانا أخوض النقاش وأعبّر عن رأيي بصراحة لكن البعض يرى في ذلك مشاكسة.
• هل تجاوزت ازمة المحاكمة التي تعرضت لها في الكويت؟
طبعاً، بمجرد ان كتبت الكتاب وانتهيت منه. اي ازمة تنتهي تلقينها من داخلك الى الناس.
• ولكن لا بد من ان يبقى ولو جرح بسيط داخل الانسان؟
لم تترك الا شيئاً واحداً هو انني كأم لم احب ان اتهم بأني داعية للفسق والفجور، واولادي كلهم متدينون وبناتي محجبات.
لست كذلك وقد شعرت بجرح في امومتي. وحينها، وقف اولادي معي لأنهم يعرفونني وثقتهم بي كبيرة جداً، ولم يؤثر كل ذلك فيهم.
• هل ترين ان هناك ظلما للمرأة عندما تتهم بكل سهولة بأنها تدعو الى الفسق والفجور؟
في كل مكان هناك ظلم للمرأة، في أميركا المتطورة وفي سويسرا وحتى في السويد التي تعتبر من ارقى دول العالم. الظلم يطاول الجميع وهو موجود منذ الخليقة.
تلك التهمة لم تكن سهلة ابداً على امرأة مثلي تنتمي الى عائلة متدينة وعمها من الملالي ووالدها رجل اعمال خيرية ويبني المساجد.
• هل يمكننا القول انك «استثناء على القاعدة» في عائلتك؟
نعم، انا الوحيدة التي لها صوت.
• وما العوامل الخارجية التي اثرت فيك، خصوصاً ان الانسان ابن بيئته وعائلته؟
انا وأخواتي وأهلي عشنا في اسرة متشددة ابوابها مغلقة والاسوار التي تحوطها عالية جداً، ولكن اتيح لي ان اتزوج من رجل غير كويتي، فقد تزوجت من فلسطيني وكما هو معروف فان الحياة الفلسطينية تختلف تماماً عن الحياة الكويتية. انها اكثر وعياً وتفتحاً وأكثر اعترافاً بوجود حقوق للمرأة، وعلى هذا الصعيد ادين بفضل كبير للاسرة الفلسطينية التي انتمي اليها. زوجي الاول اتاح لي فرصة النشر وحرية السفر والمشاركة في المؤتمرات، وهذا ما غذى شخصيتي ونمّاها ومنحني ثقة عالية بالنفس، في حين ان اخوتي لم تتح لهم فرصة مماثلة.
• وهل تحسنت علاقتك بأهلك؟
هم يحبونني ويتابعونني ويقرأون كتاباتي. ولكن بعضهم متدينون قليلاً ويأخذون مواقف مني احيانا ولكن بدون اذية. انهم فقط غير راضين عني. صحيح اننا نجتمع معاً ولكنهم لا يقرأون لي.
• ما رأيك في تجربة نوال السعداوي؟
لا استطيع ان اقول رأياً في نوال السعداوي. كلنا تتلمذنا على نضالها واقتدينا بها في فترة، ولكنني اتمنى الا ارى اليوم نوال السعداوي، لا في اي جهاز اعلامي ولا في اي صحيفة ولا في اي تصريح.
• لماذا؟
لانها بلغت من العمر ما يجعلها تقول اشياء غير منطقية وغير معقولة، ومن الافضل ان ترتاح. لم تعد رمزاً للنضال. حتى النضال انتهى عند الرجال. لم نعد نناضل من اجل وطن ولا من اجل اخلاق ولا من اجل قضية. نحن مستمتعون بالعذاب والتشتت والتمزيق الذي نعيشه. لا يمكن لنوال السعداوي ان تقول «يجب ان تجمع المرأة بين اربعة رجال كما يجمع الرجل»، وفي رأيي انه عندما يبلغ المرء عمرا يجعله يشذ عن القاعدة، من الافضل ان يبتعد.
• ما قضيتك في هذه المرحلة؟
ان اعيش بسلام. منذ حرب لبنان الاولى وانا اعاني من روايتي، اختي تعاني السرطان وهي على وشك الموت. احتاج الى سلام يشملني. لا اشاهد سوى نشرات الاخبار ووطني العربي يضربني ويقتلني الى درجة انني كفرت بكل الثورات وبكل النضال، لانه نضال احزاب دينية وانا لست معه. انا مع ان يناضل الانسان العربي بنفسه بدل ان يوكل المهمة الى جماعات دينية تناضل باسمنا وتفرض علينا قيودا. كل مجتمعاتنا معرضة للانهيار والتآكل والتلف.
• وما دورك ككاتبة؟
انا متعبة صحياً ونفسياً واحتاج الى الخروج من هذه الازمة كي اتمكن من مواصلة طريقي في الكتابة. لكننا لا نستطيع ان نغير هذا العالم، فقط نستطيع ان نحرض الآخرين على المطالبة بحقوقهم وعلى ان يستفيقوا من هذا الندم.
• ما رأيك في المرأة الكويتية؟
يعجبني طموحها ودأبها على نيل حقوقها، ولكنني اعتقد ان هناك شيئا اقوى منها. اكبر مصيبة الان ان وزارة الاوقاف اصدرت فتوى تقضي بفرض الحجاب على كل النساء. اريد ان ارى الآن نضال المرأة الكويتية.
• واذا اجبرت على ارتداء الحجاب ماذا ستفعلين؟
اترك البلد. لم اترك الكويت ايام الاجتياح ولكنني مستعدة لتركها على ان اتحجب