زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية المنتديات الزوجية دليل الطفل و المواليد الرقابة الذاتية للأطفال تعريفها وأهميتها وطرق زرعها في نفس الطفل
الـــ،،،ــــااهر ..:: المشرف الـعـام ::..

نحن نعيش في وسطٍ مُغرٍ على جميع الأصعدة، يتطلب مِنَّا كثيراً من المناعة النفسية والصلابة الداخلية؛ إذ إنَّك في كل مرة تعيش فيها تفاصيل يومك، تُعرِّض نفسك لكثيرٍ من الصراعات والتناقضات، وإن كان الصدق قيمة عليا بالنسبة إليك، فستُجبر بسبب التناقض الحاصل في المجتمع، على التساؤل عن جدوى هذه القيمة في أرض واقع .


وبينما ينتشر النفاق بين العلاقات الاجتماعية، يبدو أنَّ خيار المحافظة على الصدق سيعود على صاحبه بكثير من التحديات والعراقيل، وهنا تقف أمام نفسك وقفة صراحة، وتسألها: "ماذا أفعل؟ هل أتصرف وفقاً لما يمليه عليَّ ضميري، أم أسير مع التيار وأتبنَّى معايير لا تشبهني ولكن تشبه المجتمع؟"، "ماذا لو كانت قيمي خاطئة، وقيم المجتمع هي الصحيحة؟"، "هل من المنطقي أن أختار مساراً بعيداً عن المسار الذي يتبعه أغلب الناس؟"، كم من مرة راودك حوار كهذا بينك وبين ذاتك، لتجد نفسك أمام السؤال الأكثر أهمية هنا:


"إن كنَّا نحن الناضجين نقف أمام هذا الصراع بيننا وبين أنفسنا، فما بالك بالأطفال؛ كيف لنا أن نزرع الضمير والرقابة الذاتية في نفوس أطفالنا؟ وكيف لنا أن نوفِّر عليهم الصراعات اليومية المحتدمة في داخلهم؟ وكيف لنا أن نخلق منهم أشخاصاً متوازنين نفسياً، قويين أمام تحديات الحياة ودروسها القاسية؟".


كيف لي أن أجعل ابني يبتعد عن الخطأ من تلقاء ذاته، ومن دون ملاحقتي الدائمة له؟ كيف لي أن أخلق بوصلة قوية في داخله، بحيث يتخذ القرار السليم من دون تردد، وبحيث يعود للمسار السليم في حال ارتكابه الأخطاء؟ إذ إنَّه لا يوجد شخص على وجه الأرض معصوم من الأخطاء؛ هذا ما سنعرفه من خلال هذا المقال.


ما هي الرقابة الذاتية؟



هي الضمير الحي في داخل الإنسان، والذي يمنعه عن ارتكاب الأخطاء، وهي الوازع الداخلي الذي يحرك سلوك الإنسان، فتكون بمنزلة السلطة العليا التي يخضع لها ذاتياً، وتقوم الرقابة الذاتية على القناعة، بحيث تكون هي المحفز الأساسي للتصرفات، وليس الخوف من العقوبات والرعب من النتائج، ويمتاز الشخص ذو مستوى الرقابة الذاتية العالي بالامتلاء، فلا يشعر أنَّ تقليد الآخرين هو ما يجلب له القيمة؛ بل أنَّ قيمته مرتبطة بالأشياء الإيجابية، وبالمعتقدات الغنية المزروعة في عقله، وبالله عزَّ وجلَّ.


أهمية الرقابة الذاتية للأطفال:



نحن نعيش في وسط التكنولوجيا والثورة التقنية، فالكون كله اليوم منفتحٌ على بعضه بعضاً؛ الأمر الذي يخلق صراعاً بين ما تربَّى عليه الطفل من قيم ومعتقدات، وبين ما يتعرض له من قيم جديدة متبنَّاة من قبل مجتمعات أخرى.


فبينما يشكِّل الانصهار الحاصل ما بين المجتمعات، طريقة حضارية ورائعة جداً، ووسيلة داعمة لتطوير دماغ الإنسان، من خلال التحفيز على العمل والتحليل، إلا أنَّ لديه من المساوئ الكثير إن لم يكن الطفل حاصلاً على مستوى عالٍ من صقل الشخصية، وهنا يأتي دور وأهمية زرع قيمة الرقابة الذاتية في قلب الطفل.


لا يستطيع آباء اليوم في وسط التطور والحداثة الحاصلة اعتمادَ الطريقة التقليدية في التربية، القائمة على العنف والترهيب والتجسس والتلصص؛ حيث تُورِث هذه الطريقة طفلاً غير متوازن نفسياً، وبعيداً كل البعد عن القوة النفسية؛ إذ يكون مثالياً في الظاهر، وضعيفاً وسيئاً في الداخل، فتجده يبتعد عن الخطأ من منطلق الخوف والرعب من عقاب والديه، وليس من منطلق القناعة والوعي؛ لذلك كان لزاماً زرع قيمة الرقابة الذاتية للطفل، بحيث يكون ضميره هو الرادع الأساسي له، وليس الخوف من العقاب، والرعب من نظرة الناس إليه.


تنمية الرقابة الذاتية للطفل:



1. تقريب الطفل من الله تعالى:



على الأبوين تقريب الطفل من الله بدءاً من سنوات عمره الأولى، بحيث يربط كل شيء مع الله بدلاً من ربطه مع الناس، فيبتعد الطفل عن التوازن النفسي ويقترب من التناقض، في كل مرة يبني فيها تصرفاته على الخوف من نظرة الناس؛ كأن يبتعد عن الكلام البذيء خوفاً من وصوله إلى مسامع الناس، ومن ثمَّ تشويه سمعته، والصورة الذهنية الموجودة في عقول الناس عنه؛ حيث يكون الخوف هو المحرك الأساسي لتصرفاته، وليس الرقي والقناعة والتمسك برضا الله.


إنَّ كل إنسان مفطور على الحرية، فعندما يُعامَل الإنسان بصيغة المنع بدلاً من صيغة الإقناع، عندها توقَّع التمرد والثورة والانفعال، فإن لم يمتلك القدرة على التعبير عن ذاته، فسيسعى إلى ارتداء أكثر من قناع، بحيث يُرضي المجتمع من جهة، وينتقم منه من جهة أخرى.


فيميل هذا الإنسان على سبيل المثال إلى ارتداء قناع الفضيلة والمثالية أمام الناس، وإلى التخلي عنه بغيابهم، فيتحول إلى شخص منافق ومريض، أمَّا في حال تربية الطفل على السعي إلى مرضاة الله، وأنَّ الله يعلم ما في السر والعلن، وأنَّ نظرة الله إلينا أهم بكثير من نظرة الناس، وأنَّ القوة الحقيقية تكمن في التقرب من الله، فهو القوة المطلقة في الكون، وهو الأكثر كرماً ورحمة وصدقاً وإنسانية؛ عندها سيبتعد عن الخطأ ليس خوفاً من نظرة الناس إليه؛ بل طلباً لرضا الله الكريم واللطيف والغني.


يستطيع الأبوان إشعال فتيل حب الله لدى الابن، من خلال ربط العطاء مع الله، كأن يقول الأب لابنه: "إنَّ الله كريم جداً؛ ألا تجد أنَّه وهبك الجسد السليم، والحواس الكاملة، كما وهبنا المنزل والطعام والعمل والطبيعة والجمال وكل شيء جميل".


2. المسؤولية:



على الأبوين تفعيل إحساس المسؤولية لدى الطفل، كأن يطلب الأب من ابنه القيام بوظائفه وحده، ومن ثمَّ يقوم باختباره من دون مراقبته، كأن يقول له: "أنا أثق بك، والله هو الرقيب علينا سوياً وعلى كل شخص في الكون؛ لذلك لن أراقبك في أثناء إجابتك عن الأسئلة؛ بل سأكتفي بتحديد الوقت اللازم لإنهاء الامتحان، وبعد ذلك، أريدك أن تقوم بتصحيح المعلومات الواردة في ورقة إجابتك، وإعطاء العلامة التي تستحقها بالفعل"، أو قد يعمد الأب إلى تعليم الطفل عادة الاستيقاظ باكراً، بحيث لا يقوم بإيقاظه حتى وإن تأخَّر عن المدرسة، لكي يعلِّمه عادة احترام الوقت.


3. ضبط النفس:



وهنا على الأبوين تعليم ولدهما ضبط النفس، والتحكم بالأهواء والشهوات؛ كأن يعلِّماه الصيام والصلاة والصدقة، وذلك بالتدريج وبطريقة سلسة ومحببة إلى القلب، كإقناعه بأهمية مساعدة الآخرين، بدلاً من إنفاق كامل المال على ملذاته الشخصية، فضلاً عن وضع الطفل في موضع التجربة، واختبار إحساس المساعدة والعطاء فعلياً، لكي يتلذذ ويستمتع به، ومن جهة أخرى، يجب على الأبوين إشعال حب الصيام لدى الابن من خلال ذكر فوائده الصحية والنفسية، بحيث يعتاد الإنسان على كسر تعلقه بأي شيء مادي على وجه الأرض.


4. تنظيم الوقت وجدول العمل:



على الأهل تدريب الطفل على تنظيم وقته واحترام ساعات يومه، بحيث يساعدانه على وضع أهداف ومهام الأسبوع والالتزام بها، كأن تضع الأم لوحاً في غرفة الطفل لقياس تقدُّمه على مدار الأسبوع، بحيث يضع لنفسه علامة تحدد مستوى أدائه لمهامه في كل يوم من أيام الأسبوع، بعد أن يكون قد اتفق سابقاً مع والدته على معدل العلامات الذي يخوله الحصول على هدية في نهاية الأسبوع، وعندها سَيمتلك الطفل إحساساً عالياً بالرقابة الذاتية، بحيث يضع العلامات التي يستحقها من دون غش أو تلاعب؛ وذلك حرصاً على الحفاظ على ثقة والدته به، وثقة الله به، فالله يعلم ما في السر وما في العلن.




5. الصداقة:



على الأبوين وضع الطفل ضمن بيئة صحية نفسياً، بحيث يتدرب على الرقابة الذاتية مع أصدقائه، فلا نستطيع إنكار أثر الصديق في الطفل؛ إذ يميل الطفل إلى تقليد صديقه المقرب في كل شيء؛ لذلك على الأهل الانتباه لهذه الجزئية كثيراً.


6. المديح:



على الأهل تشجيع الطفل، في حال أظهر تصرفات تدل على الرقابة الذاتية مهما كانت بسيطة، كأن يمدح الأهل طفلهم ويثنوا على عمله عندما يعيد مبلغاً من المال إلى صاحبه.


7. الصدق:



على الأهل تدريب الطفل على الصدق مهما كلَّف الأمر، كأن يقول الأب لابنه: "كل إنسان معرَّض للخطأ يا بني، فما يهم هو الاعتراف بالخطأ ومصارحتي به وعدم تكراره"، "سوف تخسر ثقتي بك في حال قمت بإخفاء الخطأ عني"، "وحتَّى إن استطعت تغييب الأمر عنِّي، فإنَّك لن تستطيع تغييبه عن الله عزَّ وجلَّ".


8. تحديد الصح والخطأ:



يجب أن يكون لدى الطفل معيار يحدد من خلاله مدى صحة أفعاله، وينبع هذا المعيار من الأهل؛ إذ على الأب والأم تحديد الأمور التي تجوز، والأمور التي لا تجوز، بناء على كتاب الله عزَّ وجلَّ.


9. التعلُّم:



لكي يضمن الأهل استيعاب الطفل للمبادئ والقيم التي قاموا بزرعها فيه، عليهم أن يطلبوا منه تعليم أخيه الصغير تلك المعارف والقيم.


10. البعد عن العنف:



يجب على الأهل الابتعاد عن العنف والتسلط في التربية، لما لها من آثار سلبية خطيرة في نفسية الطفل؛ لذا على الأهل إشباع الحاجات النفسية للطفل، مثل: الحاجة إلى الحب المتبادل، وإلى الاطمئنان، والتقدير والحرية واعتراف الآخرين به؛ حيث لا يورِّث العنف إلا طفلاً عنيداً ومنافقاً، يفعل أمام الناس عكس ما يفعله وحده؛ لذا كان اتباع أسلوب الحوار والإقناع هو الأسلوب الأنجح، مع الانتباه لضرورة تحمُّل عواقب الأخطاء التي يقوم بها الطفل.


11. القواعد والأنظمة:



على الأبوين وضع القواعد والأنظمة لتنظيم سير العمل في المنزل، بناءً على خلق حوار بنَّاء بينهما وبين الأطفال، في جو من الحرية الحميدة، بحيث يعبِّر كل طفل عن رأيه وعن اقتراحاته، ويحترم كل من الطرفين حقوقه وواجباته، فيقوم الأهل باتخاذ القرارات النهائية، بعد تبرير أسباب اتخاذ القرارات وعواقب الإخلال بها، ويُصوِّت عليها الأطفال بالإيجاب، وفي حال التصويت بالرفض، فعندها يُعاد فتح ملف الموضوع من جديد، للوصول إلى حل يُرضِي الطرفين.


على سبيل المثال: في حال اتخاذ قرار بضرورة وضع جهاز الهاتف المحمول خارج الغرفة في أثناء الدراسة، فهنا يشرح الأبوان أسباب اتخاذ القرار، مع تبيان عواقب استخدام الهاتف المحمول في أثناء الدراسة، وذلك لكي يقتنع الأطفال بأهمية القرار، ومن ثم يبيِّن الأبوان عواقب الإخلال بالقرار، ليكون الأطفال على بيِّنة ووضوح.




الخلاصة:



ساعد ابنك على أن يبني ضميره الحي، بحيث يربط قيمته مع الله والعمل الصالح، بغضِّ النظر عن المجتمع وما يعتقده وما يؤمن به، وما يهم هو نظرته إلى نفسه واحترامه لها، وليس نظرة الآخرين إليه، فما الفائدة إن ربح الناسَ وخسر نفسه؟

توقيع

المشرف العام
::
أبدع في مواضيعك .. وأحسِن في ردودك .. وقدم كل مالديك ..
ولا يغرك فهمك .. ولا يهينك جهلك .. ولا تنتظر شكر أحد ..
بل اشكر الله على هذه النعمة .. ولله الحمد والشكر ..
::
المسؤولين على المنتدى يحاولون بقدر المستطاع الرد على الجميع والمساعده
وتذكر بأن هناك غيرك من الأعضاء ..
وعدم ردنا على موضوعك ليس تجاهل ..
::
انسحابك أو بقاءك لن يؤثر على أحد .. فكن سند نفسك دائماً ..
::
المنتدى للجميع فتصرف كصاحب المنتدى وليس كضيف ثقيل ..
::
لا تقدم المساعدة وأنت تنتظر مقابل لذلك .. الدعاء الصادق يغنيك ..
::
عدد مواضيعك ومشاركاتك ليس هو الدليل على نجاحك ..
بل مواضيعك المتميزة و أخلاقك الرفيعه ..
::
قبل أن تعمل أي شيء تذكر أن الله عز وجل يراك ..
::
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية