ينتظر الأهل بلهفة كبيرة كلمات أطفالهم الأولى، ويستمعون لكلِّ ما يقولونه ولكلِّ صوت يصدرونه بكثيرٍ من الحب والإعجاب، ولكن قد تتأخُّر هذه الفرحة لسبب ما، ويدخل الأهل نتيجةً لذلك في دوامة من القلق والخوف والحزن، وتبدأ بعدها رحلة البحث عن جذور المشكلة لإيجاد الحل المناسب، فما هي إذاً أسباب تأخُّر النطق عند الأطفال وما هي طرائق العلاج المناسبة لهذه المشكلة؟


تتفاوت القدرات التي يمتلكها الأطفال، ومن ثمَّ يختلف العمر الذي يبدأ فيه كل طفل النطق والكلام، فبعض الأطفال ينطق في سن مبكرة جداً، في حين يتأخُّر بعضهم الآخر، وفي أغلب الأحيان يكون تأخُّر النطق عائداً لأسباب تتعلق بقلَّة التواصل مع الأهل وقلة التحدث معهم، وهذا يُعَدُّ تأخُّراً طبيعياً، في حين يتأخُّر بعض الأطفال بالنطق نتيجة سبب عضوي، وهذا التأخُّر يُعَدُّ خطيراً وعلى الأهل مراجعة الطبيب مباشرةً للبدء بالعلاج في أسرع وقت ممكن.


يُعَدُّ الطفل متأخُّراً بالكلام إذا كانت ثروته اللغوية أقل من 50 كلمة في عمر العامين؛ وذلك حسب ما أكَّدَته اختصاصية تخاطُب ألمانية.


علامات تأخر النطق عند الأطفال:



فقبل خوض أسباب تأخُّر النطق عند الأطفال، سنقوم بعرض المهارات اللغوية التي يجب ظهورها عند الطفل حتى الثلاثة أعوام، وعدم امتلاك الطفل لها يُعَدُّ من علامات تأخُّره بالنطق:

• يجب على الطفل في عمر السنة أن يقول كلمتي: بابا، ماما، ويجب أيضاً أن يكون قادراً على استخدام حرفين على الأقل ويتمرَّن على ذلك.
• كما يجب عليه في هذا العمر استخدام الإشارات للإجابة والتفاعل مع الأهل كهز رأسه موافقاً، أو التلويح بيده مودعاً.
• يجب عليه فهم الكلمات مثل: لا، مع السلامة؛ وعليه أن يعطي هذه الكلمات استجابةً مناسبة.
• في عمر السنة والنصف تقريباً، يجب على الطفل أن يستطيع التواصل مع الآخرين، وأن يكون قادراً على طلب المساعدة إذا احتاج إليها.
• يجب أن يكون قادراً على التركيز في جزءٍ من جسمه إذا ما سُئِل عنه، وأيضاً عليه أن يكون قادراً على نطق 6 كلمات على الأقل.
• من 18 إلى 24 شهر يجب أن تزداد الحصيلة اللغوية للطفل بمعدل كلمة جديدة كل أسبوع.
• في السنتين يجب عليه أن يستجيب للاتجاهات، ويعرف أسماء الصور ويكون قادراً على تكوين جملة من كلمتين.
• كما يجب عليه معرفة وظائف الأشياء كالصابون مثلاً.
• بعد السنتين، يجب على الطفل أن يكون قادراً على تكوين جملة من 4 كلمات وأن ينطق ويعرف أسماء أقسام جسم الإنسان، وعليه أيضاً طرح الأسئلة.
• وفي عمر السنتين ونصف، يجب عليه تمييز أفراد عائلته.
• وفي الثلاث سنوات، يجب عليه استخدام الضمائر عندما يتحدث، كأن يستخدم ضمير أنا عندما يتكلم عن نفسه، أو ضمير أنتِ عندما يتحدث مع أمه، كما يجب عليه في هذا العمر أن يكون قادراً على التواصل والتحدث والتكلم مع أقرانه بعيداً عن الوالدين، ويجب أن يصبح كلامه في هذا العمر مفهوماً وواضحاً.
• إذا وصل طفل إلى عمر ثلاث سنوات ولم يكن قادراً على القيام بهذه المهارات، فهذا يعني وجود مشكلة لديه سبَّبَت تأخُّر النطق عنده، وهذا ما سينتج عنه مشكلات أخرى كما رأينا كقلة التواصل والتفاعل مع الآخرين وخاصةً مع الأقران والوالدين.

• من الأسباب العضوية لتأخُّر النطق مشكلات الفم: ومن هذه المشكلات، مشكلات في سقف الحلق أو اللسان، وهذه المشكلات تؤدي إلى صعوبة في تحريك اللسان تحريكاً طبيعياً، ويعود سببها إلى مشكلات في المناطق المسؤولة عن النطق في المخ؛ ونتيجةً لذلك يحدث صعوبة في التنسيق بين اللسان والشفاه والفك، وهذا ما يعوق تشكُّل الأصوات التي تؤدي إلى التحدث، كما تُسبب له أيضاً صعوبة في التغذية، ومن مشكلات الفم أيضاً، وجود فجوة صغيرة غير مألوفة، وهذه الفجوة هي الطية التي تحمل اللسان في الفم السفلي؛ حيث يتم اكتشاف هذه المشكلات غالباً من قِبل طبيب الأطفال قبل ظهور أعراض تأخُّر النطق.
• مشكلات السمع: تُعَدُّ مشكلات السمع من أكثر الأسباب المؤدية إلى تأخُّر النطق عند الطفل، ويقوم الطبيب مباشرةً في حال تأخُّر النطق عند الطفل بإجراء اختبار سمع للتأكد من سلامة هذه الحاسة، ونتيجةً لضعف السمع، فلن يستطيع الطفل فهم الكلام أو معرفة معناه، ومن ثمَّ سيواجه صعوبةً في نطق وترديد وتقليد نطق الكلمة نطقاً صحيحاً، ومن الجدير بالذكر أنَّ السمع من أذن واحدة سيكون كافياً لتطوُّر اللغة وتعلُّم الكلام تعلُّماً صحيحاً.
• الإعاقات: الكثير من أنواع الإعاقات الذهنية تؤدي إلى تأخُّر النطق مثل عسر القراءة أو صعوبات التعلم.
• الإهمال الأسري والاجتماعي: يؤدي إهمال الأسرة لطفلها وعدم التحدث معه والتكلم كلاماً كافياً إلى مشكلات في النطق وإلى ضعف في حصيلته من الثروة اللغوية، وأيضاً المشكلات النفسية تسبب تأخُّر الطفل بالكلام مثل مرض التلعثم.
• وهناك أيضاً الكثير من الأسباب المؤدية لتأخُّر النطق عند الأطفال مثل التخلف العقلي، ومتلازمة داون، والتوحد، والشلل الدماغي.

• يجب على الأهل التحدث مع الطفل باستمرار وعدم تركه وحده لفترات طويلة أمام التلفاز، ففي هذه الحالة يصبح الطفل متلقٍ فقط للغة وغير متفاعل معها، كما يجب على الأهل التواصل مع أطفالهم دائماً، وتكرار أكبر عدد من الكلمات أمامهم لتزيد ثروتهم اللغوية، وليتعرفوا إلى أكبر قدرٍ من الكلمات والمعاني.
• الاهتمام بالتحدث مع الطفل خلال فترة الرضاعة؛ حيث يكون الطفل قريباً جداً من الأم وفي حالة تفاعل كبير معها؛ لذلك يجب عليها أن تحدِّثه وتغنِّي له وتقوم دائماً بإصدار الأصوات لتعوِّد الطفل على الكلمات ولفظها.
• القراءة للطفل: يجب البدء بالقراءة للطفل من عمر مبكر، ويجب أولاً اختيار الكتب التي تحوي رسوماً وصوراً، وعلى الأهل تعليم الأطفال أسماء هذه الصور ومساعدتهم على تكرار أسمائها ونطقها نطقاً صحيحاً.
• يجب على الأهل تجنُّب التحدث بلغة الأطفال أو تقليد نطقهم للكلمات نطقاً خاطئاً، وبالوقت نفسه لا يجب إجبار الأطفال على نطقها والضغط عليهم؛ بل يكفي فقط نطق الكلمة أمامهم نطقاً صحيحاً، ويجب على الأهل أيضاً الحرص على تسمية الأشياء من حوله وطرح مجموعة من الأسئلة عليه، والاستماع لإجاباته، كأن تسأله عن موجودات المنزل وألوانها، أو عن محتويات محل البقالة وأسماء الأطعمة، ولا يجب أن ننسى تعريفه إلى أشكال الحروف والكلمات من خلال رسومات توضيحية لها.
• تعويد الطفل على الأصوات وإحضار ألعاب تصدر أصواتاً، وعلى الكبار اللعب مع الصغار وترديد الأصوات أمامهم مع استخدام الإشارات والقيام بالحركات المعبرة عن الكلمات، كأن تقول (لا) مع الإشارة باليد إشارةً تدل على معنى هذه الكلمة، وهكذا يستطيع الطفل ربط الكلمة بمعناها.
• إرسال الأطفال إلى مراكز تأهيلية لتعليمهم وتدريبهم من قِبل اختصاصيين على كيفية نطق الحروف والكلمات وتركيب الجمل تركيباً صحيحاً.
• دمج الطفل مع أطفال من عمره نفسه، لمساعدته على تعلُّم النطق، فمن المعروف أنَّ الطفل يتعلم من أقرانه تعلُّماً أسرع.
• لا يجب أن ننسى تعليم الطفل كيف ينطق اسمه نطقاً صحيحاً وتدريبه على ذلك.