خالد الكويت ..:: عضو مميز ::..

بسم الله الرحمن الرحيم



وسط المدينة القديمليوبليانا...
عراقة سلوفينيا في عاصمتها

سكوت فوغل

طالما شكّلت سلوفينيا مكاناً فريداً للعيش، لا سيما أمسيات الصيف الساحرة في العاصمة ليوبليانا حين تمتلئ الشوارع بموسيقى حالمة وعشاق وبعض سياح يتأملون مباني المدينة الهندسية، التي تحدت الحرب.
بخلاف مدن أوروبا الجميلة الأخرى، تعجز ليوبليانا بطبيعتها عن الترويج لنفسها بقوة. كانت هذه المدينة ستخلع عنها طابعها العريق، ويختفي سحرها. فقد استعدت مجموعات من الهمجيين للنزول الى متاجرها التي تعد شطائر البورك، لتعيث بها خراباً، قبل انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
لذلك، كانت ليوبليانا، التي قهرت الرومان ونابوليون والسوفيات وغيرهم، ستتدمّر. لكن ذلك لم يحدث بالتأكيد. «لقد استؤصلت العدائية منا»، بهذه الكلمات وصف يان أورسيك، دليل سياحي يعمل لحسابه الخاص، الشعب السلوفيني، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة. تجولنا في ساحة «بريزيرن» وسط المدينة. فخطر على بالنا أن ندعو هذه المنطقة الخالية من السيارات «قطعة صغيرة من الجنة»، كما دعا الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن سلوفينيا خلال زيارته الأولى عام 2001 (كانت موقع اجتماعه الأول مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) أو ربما «قطعة كبيرة من الجنة»، كما وصفها خلال زيارته الثانية لها في الربيع الماضي. لكننا أخبرنا أورسيك أن ليوبليانا ليست قطعة كبيرة أو صغيرة. إنها قطعة متوسطة من الجنة. تابع أورسيك حديثه عن ابتعاد سلوفينيا المتطرف عن العدائية، قائلاً: «ليوبليانا المكان الوحيد حول العالم حيث أقيمت السفارة الأميركية بجاور الروسية. حتى الدببة عندنا مسالمة».
مفارقة الدببة
سنعود إلى مناقشة مفارقة الدببة هذه. لكن دعونا أولاً نتذكر المكان الذي نقف فيه: ساحة بريزيرن. مرت ثلاث سنوات منذ منعت المدينة، رغم الاحتجاجات الشعبية، السيارات من عبورها. (يضم البلد عدداً من مصانع السيارات الكبرى، ويحب السلوفينيون سياراتهم). لذلك، تضاعفت مساحة الساحة التي تمتاز بطابعها العريق المميز. ولا تزال الكنيسة الفرنسيسكانية المرجانية اللون، التي تعود إلى القرن السابع عشر، تحدق باستهجان بمبانٍ حديثة في الجانب الآخر من الساحة. لكن المباني تخلت على ما يبدو عن أي صراع بينها منذ زمن بعيد. وفيما كنا نهم بمغادرة الساحة، صادفنا عدداً من جسور مميزة تعبر نهر المدينة ليوبليانيكا، مجرى مائي خلاب يدفعك تدفق مياهه البطيء إلى الضحك.
تنتشر المقاهي على ضفتي نهر ليوبليانيكا. ويكفي أن تُطل الشمس بخجل حتى يتدافع سكان المدينة الثلاثة آلاف إلى الطاولات في الخارج. أما رائحة البيتزا التي تعطر الجو هنا فتنبثق من مطعم Ljubljanski Dvor الذي يقدم شرائح لذيذة منها تبرز حدود سلوفينيا الغربية مع إيطاليا.
ذكر أورسيك: «لا شك في أن الدببة عندنا خجولة. لهذا السبب لا زلنا نحتفظ بها». نعم، الدببة! تابع أورسيك: «كانت ألمانيا تملك دببة أيضاً، إلا أنها تميزت بعدائها». كانت على ما يبدو من النوع الذي يحب التجوّل في شوارع المدينة في وضح النهار ونشر الرعب بين السكان. لذلك، أُبيدت. أما السلوفينية منها فقد أدركت أهمية البقاء في الغابات وعدم استفزاز الناس. لذلك لا تزال تعيش برخاء. وأضاف: «لم تبقَ في شوارعنا إلا الدببة المحشوة». وكان أورسيك محقاً. فخلال إقامتنا في ليوبلينا لم نرَ مطلقاً دباً يجوب الشوارع.
لكن الدببة تفوت فرصة الاستمتاع بمشهد خلاب، مشهد هذه المدينة الجميلة بوسطها القديم الذي يضم مزيجاً عريقاً من سطوح القرميد الأحمر والشوارع المرصوفة بالحصى يفوق الوصف. إلا أن ليوبليانا رحّبت أيضاً بهندسة مطلع القرن العشرين التي ابتكرها جوزي بلاسنيك (أحد أبرز أسباب زلزال مدمر - 1895)، خصوصاً الجسر الثلاثي الذي يقودنا إلى خارج المدينة القديمة.
يمتاز الجسر بجوانبه الفريدة وسلالمه التي تفضي إلى ممرات تحدها الأشجار على طول النهر. يخبر دليل «أهلاً بك إلى ليوبليانا» السياحي أن أحد شعارات المدينة «استلقِ واسترخِ». لكن على غرار الدببة، تعجز عن معرفة ما إذا كانت الطبيعة أو نمط الحياة هو السبب وراء هذا الهدوء والسكينة. فبما أن سلوفينيا تقع وسط أوروبا الوسطى، طالما شكلت ليوبليانا موضع خلاف، حتى قبل ظهور الرومان. فقد سعت الإمبراطوريات المتحاربة دوماً لبسط سيطرتها على هذه القطعة من الأرض، حسبما يُظهر متحف مدينة ليوبليانا الواقع في الجهة المقابلة من النهر.
كي تفهم حقيقة ليوبليانا، عليك أن تعود إلى البداية، وتنزل إلى الطابق السفلي من المتحف، لتجد مجموعة كبيرة من أقنية الصرف الصحي الرومانية التي تحمل أثار أقدام قديمة خلفها مخربون تجولوا في موقع العمل قبل جفاف الطين.
في الطابقين الآخرين ستتعرّف إلى لمحة عن مختلف الدول والأنظمة والإمبراطوريات التي سعت للسيطرة على ليوبليانا، بدءاً من الرومان ونابوليون وصولاً إلى الاستقلال في تسعينات القرن العشرين مروراً بإمبراطورية النمسا المجر والفاشيين والشيوعيين (تحدّر المارشال تيتو من أصول سلوفينية). فقد شكلت العاصمة جزءاً مما لا يقل عن 10 أمم منذ القرن التاسع عشر، حسبما تذكر سجلات المتحف، التي يرد فيها أن «رجلاً ولد عام 1013 عاصر إمبراطورين وأربعة ملوك وأربعة رؤساء جمهورية». هذا إذا لم نشر إلى الانهيارات الاقتصادية المتعددة، واقع تذكرنا به واجهات أحد متاجر المدينة الكبرى، Centromerkur.
يرتدي هذا المبنى الحديث الغريب قرب «بريزيرن» طابعاً حزيناً هذه الأيام. فقد عُلّقت خطط ترميمه راهناً. وتبدو معظم أقسام المتجر خالية، ما يدل على أزمة اقتصادية... قاطعنا أورسيك قائلاً: «لا ندعوها هنا أزمة، لأننا معتادون على الأزمات. وهذه لم تتحول بعد إلى أزمة حقيقية».
ركب الحضارة
بعيداً عن نظرة السلوفينيين إلى هذه الأزمة، نحن واثقون من أن عدد الأميركيين الذين يزورونها اليوم تراجع عمّا كان عليه قبل أن توشك سلوفينيا على اللحاق بركب الحضارة. فقد لاحظنا أن متاجر شارع MenstinTrg، التي قصدها السياح في الماضي لشراء القطع المشغولة يدوياً، خالية تقريباً، شأنها في ذلك شأن متاجر تبيع منتجات منطقة تيران وملحها الشهير الذي يُستخرج من مناجم قرب البحر الأدرياتيكي. أعطاني موظف متحمس في متجر Piranske Soline قطعة من الشوكولا محشوة بالملح، وراح يحضني على تذوقها قائلاً: «هيا جرّبها!». كذلك أكد لي أن المتجر ما عاد يبيع الكثير من أكياس الملح (اعتُبرت في الماضي أحد أهم التذكارات السلوفينية) للأميركيين. ولا يبدو الوضع أفضل في متجر Krasevka المجاور. لهذا السبب راحت صاحبته تتأملني ثم سألتني عن جنسيتي. وحين أجبتها هزت رأسها وأعطتني زجاجة شراب بطعم العرعر. قالت بصوتها الرقيق: «هذا دواء». فبدأت أضحك، ظناً مني أنها تمازحني. لكنها سارعت إلى القول: «لا، أنا جادة. إنه يفيد المعدة ويحسن عملية الهضم».
كانت السيدة محقة. لعلها أدركت أنني سأتناول لاحقاً في مطعم Sokol طبق «خصيتي الثور مقليتين مع صلصة التارتار»، على حد قول النادل. واجهت هذا التحدي بهدوء، مذكراً نفسي أنني لا أريد أن أطلب طعاماً يمكنني تناوله في أي وقت في الولايات المتحدة. وأنا أقصد بالتأكيد صلصة التارتار.
ما هي إلا لحظات حتى عاد النادل حاملاً طبقاً يُعتبر فاخراً جداً في هذه البقعة من العالم. إنه طبق نقانق كرافافيكا الذي يتألف من نقانق مقليّة مع قطعة من خبز الحنطة السوداء. إلى جانبه وُضع طبق آخر دُعي بكل بساطة لحماً مشوياً. لا عجب أن الدببة خائفة! إلا أن حساء الفطر البري الموضوع في وعاء من الخبز كان لذيذاً جداً.
بحلول التاسعة مساءً، كنت قد تعافيت من تأثير الوجبة فاستأنفت جولتي في المدينة. رجعت إلى ساحة بريزيرن متوقفاً عند تمثال فرانس بريزيرن. لفت انتباهي أن السلوفينيين لم يطلقوا على أهم ساحات مدينتهم اسم رجل دولة أو قائد عسكري، بل اسم شاعر عاش في القرن التاسع عشر، واعتمدت كامل مسيرته المهنية على عدم سماح والد صديقته بالزواج من ابنته. ولا شك في أن هذه ميزة سلوفينية.
«عندما تمنحك الحياة ليموناً حامضاً، أعدّ العصير»، كانت هذه العبارة مكتوبة على الأسفلت باللغة الإنكليزية (ولم أجد لذلك مبرراً) عند مدخل سوق ليوبليانا الكبير الذي يُقام في العراء. وقد تمسك بريزيرن بهذا الشعار طوال حياته. فبعد أن فَقَدَ محبوبته جوليا، التي يقف تمثالها الصغير اليوم قبالة تمثال بريزيرن في الجهة المقابلة من الساحة، لم يحاول السعي وراء حبه أو الانتحار أو الإقدام على أي تصرف مخالف للطبيعة السلوفينية. راح يكتب بألم قصائد حب جميلة يمكنك قراءتها في ديوانه Wreath of Sonnets. وهذا انتصار آخر للخروج عن التقليد والمألوف.
حرب
عام 2005، حين أُقيم تمثال بريزيرن في هذه الساحة مع إلهة الإلهام العارية تلك التي تحوم فوق كتفه، علت صيحات الاعتراض. فقد وضع التمثال قرب الكنيسة الفرنسيسكانية والدير المحاذي لها. ولحل هذه المشكلة اقترح أحدهم غرس صف من الأشجار لحجب التمثال عن الكنيسة، كي لا يُضطر رجال الدين إلى رؤيته كلما دخلوا الكنيسة. فنجحت الخطة. وعن هذه القصة ذكر أورسيك: «إنها الطريقة السلوفينية لحل المشاكل: بواسطة الأشجار».
في 25 يونيو (حزيران) عام 1991، أي بعد عصور من الخضوع لأمم أجنبية، أعلنت سلوفينيا استقلالها عن يوغوسلافيا. وقد أدى الإعلان إلى حرب دامت 10 أيام قُتل فيها نحو 20 سلوفينياً. هكذا صار البلد أخيراً حراً كي لا يُضطر إلى تقديم ولائه إلى أي بلد آخر. يخبر أورسيك: «قال الشعب إن هذه فرصة كي تحظى فيها سلوفينيا بالتقدير الذي تستحقه، رغم أن البعض تردد». نجحت الدولة في تبني اقتصاد السوق الحرة، انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004، واعتمدت اليورو عملة لها عام 2007. ورغم الاضطراب كله الذي عمّ العالم أخيراً، لا تزال دولة تجذب عدداً كبيراً من السيّاح.
لم تشهد ليوبليانا خلال عام 2008 أي جريمة قتل. حتى أن شرطياً واحداً فقط اضطر إلى سحب مسدسه ليُطلق طلقة تحذيرية في الهواء، على حد قول أورسيك. ولعل الطريقة الفضلى لفهم ليوبليانا تكمن في الهواء. فعلى أطراف المدينة تقع تلة القصر التي تُرى من مختلف أنحاء المنطقة. على قمتها تتربع قلعة تعود إلى القرن الخامس عشر، ما يُشعرك أن هذه المدينة خارجة من إحدى قصص الأطفال الخرافية. ثمة دروب كثيرة حادة تمتد من وسطها إلى هذه القلعة. لكن إذا لم ترغب في السير، يمكنك أن تستقل عربة معلقة حديثة ترتفع فوق رؤوس الأشجار والكنائس بقببها الخضراء، ولا تتوقف إلا بعد أن تمتعك بمنظر جبال الألب اليولية Julian Alps التي تحيط بالمدينة.
ولأن النمسا تحد سلوفينيا من الشمال وإيطاليا من الغرب والبلقان من الجنوب، لم أستطع نسيان عبارة أورسيك، الذي قال إن سلوفينيا لا تسعى إلى المشاكل لأن المصائب كانت تنهال عليها دوماً من كل حدب وصوب.

ساحة «بريزيرن» وسط المدينةالجسر الثلاثيقلعة تعود إلى القرن الخامس عشر على تلة القصرمطعم Ljubljanski Dvor
منقول ولاتقولون انا حارمكم من شي:110103_supa_market_

توقيع
العلياني ..:: كـــ vip ــــبار الشخصيات ::..


خـــــــالـــــد الــكـــويــــت ..........





يـــعـــطــيـــك الــعــافــيـــة عــلــى ابـــدااعــــك ونــقــلك الجــميــل ....... .






اخـــــــــــــــــوك /

الــعــلــيـــانـــــي ....... .

توقيع
خالد الكويت ..:: عضو مميز ::..

شكرا اخي العلياني وبارك الله فيك على مروررك الكريم

توقيع
الحصان الاسود ..:: عضو مميز ::..

شكرا على المجهود الجامد جدا والابداع القوى
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

توقيع
أحب زوجتى وهى كل حياتى
وأقسم بالله

أنى لا أخونها
ولا أجرح مشاعرها
وأن اكون لها نعم الزوج
أشهدوا على يا أحبابى

خالد الكويت ..:: عضو مميز ::..

شكرا اخوي الحصان الاسود وبارك الله فيك ويسلمووووو

توقيع

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية