قلب من زجاج ..:: مبدع ::..

مناجاة قلب كسير.................لا تفوتكم



مناجاة قلب كسير :







في ليلة طويلة ظلماء، ساقني الكرب إلى أعتاب الخالق جل جلاله.


وهناك لقيت من الأنس أضعاف ما أملته من دنيا الناس وشؤونهم.


فغمرتني نشوة الذل لقيّوم السماوات والأرض،




وفاض القلب بهذه النجوى:




وكيف يكون كسيرا وأنت النور الذي يشعّ في حناياه والأمل الذي يخفق به ويعيش عليه!..


بل كيف لا يكون كسيرا وقد ذلّ لعظيم سلطانك، ودان لسابق حكمِك وقضائك!..


بلائي به محض العبودية لك، والتجاؤه إليك، محض رعاية وتوفيق منك.

فلأيّهما أدين بالشكر، وعلى أيهما أبذل التحمّل والصبر، وأقسى ما في كلّ منهما نعمة منك لا أستحقّها،

ويد جميلة لا قبَل لي بأداء شكرها.




مولاي!




لئن نسيتْني أفراحُ الدنيا، فإن عزائي بما فاتني منها عظيم ما ألقاه من الأنس بذاتك، والأملِ في رحمتك.

ولئن أبكتْني صروف الليالي والأيام فإن عزائي معها بكائي على أعتاب لطفك وبين يدي ربوبيتك.

وشتان بين دموع اعتصرتْها الآلام من العيون، ودموع استجابتْ لذلّ العبودية فانحدرت تبكي لمن خلق الوجد في القلوب، وأودع الحرقة في الدموع.





مولاي!

أأشكرك على ما أوليتني من نعمة الصبر على البلاء، أم أشكرك على ما أوليتني بذلك من سعادة القرب إليك ولذّة المناجاة لك؟..

جلّت حكمتك يا سيدي، وصدق ما قاله الواصلون:

"إنّ في كلّ جلال جمالا، وفي كل ابتلاء منّة ولطفا".

وهل في اللطف ما هو أعظم من انصراف العبد إليك، وتحوله عن الأغيار إلى ملازمة بابك الكريم.




إلهي!


أي شيء يوحشني من الدنيا فقْده بعد أن أنست بك في سري وجهري؟!.


بل أي منّة منك أعظم وأجلّ من أن تُزيح عني حجابا كان قد شغلني عنك، فشُغلتُ بك عنه بما أكرمتَني من الاعتصام بك والتضرع إليك؟..


أجل يا سيدي... لقد ذهب موسى  ليقتبس نارا، فعوّضتَه عن ذلك بعظيم نجواك!.. نعم

، إن القلب قد يتألم ولكن ما ألذَّ الألَم الذي يذيق صاحبه طعم العبودية لك، وحلاوة الرضا بحُكمك!..


ولكني يا مولاي، أجدني قد تطاولتُ بهذا القول إلى مكانة ليس لي شرف الدنوّ إليها.

وما أنا -وحقك- في المزلة ممن يَحسُن بهم أن يقولوا:

"عذِّبْ بما شئتَ، غيرِ البُعد عنك"..


إنني يا مولاي عبد إحسانك وفضلك، أفرّ من كل ضائقة إلى
ظلال رحمتك، وأرتمي هاربًا من كل بلاء أمام أعتاب جودك.


حسبي أن أتعلق في الخوف من كل كرب بنجوى أحبِّ خلقك إليك: "ولكن عافيتك أوسع لي".

وبدعاء نبيك الكليم:
﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾
(القصص:24)،

وبنداء رسولك الصابر الأواب لربِّه:
﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾
(الأنبياء:83).


وكيف لا أتعلق بفضلك وأطمع بعافيتك، وأنت الذي لم تُقصِني عن مائدة إحسانك في يوم من حياتي،

ولم تقطع عني وابل رحمتك في لحظة من عمري؟!..

أم كيف أَركن إلى البؤس والضيق، وأنت الذي عوّدتَني العطاء، ونشّأتني في ظلال الرخاء؟!.


أعوذ برحمتك التي غمرتَ بها وجودي كله، من أن تبدّل بها شدة لا قبل لي بها، أو بلاء لا صبر لي عليه.



إلهي!

سألوني عن وجودك، فقلتُ لهم:

"متى عرفتم أنفسكم رأيتموه، ولولا ضلالكم عن كَينونتكم لَما افتقدتموه".


وسألوني عن أقدس سرّ من أسرارك، فقلت لهم: "إنه القلب!"..

يخفق ويحسّ، ويحنّ ويئنّ، في عالم لا تطوله فيه يدُ المال والمتاع، ولا الصَّنعة والخداع،

ولا الدنيا وزخرفها، أو المادة وقيمها!..



عروش الدنيا وممالكها، وبطشها وسلطنتها..

كل ذلك أقلّ من أن يقاوم خفقة من خفقات قلب محبّ!..


ونعيم الدنيا وأفراحها، ولهوها ولذائذها..

كل ذلك أقلّ من أن يخلق لمعةَ فرحٍ في قلب حزين!..


يمضي الناس في معالجة مدَنياتهم وحضاراتهم، ويتسابقون إلى دنياهم وملاذهم،

وتبقى هذه القلوب الخفاقة فوق ذلك كله، لا تطوّرها يد الحضارة ولا تغيرها آثار المدنية.


فهل في أسرار ما صنَعه الخالق شيء أقدس وأعجب من القلب.


وسألوني يا مولاي عن أبدع مخلوقاتك وأجمل آثارك، فخرجت بهم أجتلي مغاني الربيع!..



ولما توسطنا السفوح الخضر، وهي ترتجّ وتموج بما انبسط فوقها من أفانين الخضرة الفاتنة،

والرياحين العطرة، والأزاهير التي تذوب وراء جمالها العين، ناديت بأعلى صوتي:

﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾
(الروم:50)!..


انظر إلى آثار رحمة الله، كيف بدّلت وحشةَ الأرض أُنسًا، وحوَّلت جدبها اخضرارًا،

وأخرجت من قسوتها رقة تثمل بها النفس،

وفتنةً ينتشي بها القلب!..


بالأمس كنتَ تنظر إلى هذه الأرض وهي بلقع تلفّها وحشة اليأس، واليوم تبعث العينَ فيها وإذا هي تفيض حياة ونضارًا، وتزدان برونق الأمل!..


بالأمس كان يُبصر فيها العاشق الملتاع صدى لوحشته وعذابه، واليوم يجلس إليها ليتّخذ منها نجيّ أشواقه، وسمير آلامه ومبعث آماله.


أجل..

﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ (الروم:50).




مولاي!

هل كان فيما أبدعه صُنعكَ هذا -ما بين شتاء وربيع- إلاّ صورة رائعة أبرزتَ فيها -بعظيم إبداعك-

كيف يتحول اليأس المحرق إلى أمل خافق منعش، وكيف تُنشَّأ الحياة المضيئة من جوف ظلام ميت!..


جلّت حكمتك وعظمت رحمتك يا مولاي...
متّعتَ أعين العشاق بالورود الحمراء، وأنطقتَها لهم بلغة من الجمال تتقاصر عنها لغة الكلام،

حتى يكون لهم من ذلك عزاء عن الجمال الذي افتقدوه، وسلوًى عن الأمل الذي خسروه!..


أنعشتَ نفوسَهم بعبق الرياحين وعطر الزهور، حتى يغسلوا أفئدتهم بها من غبار الكآبة وألم الهجران!..


أقمتَ لهم من مرأى الخمائل بكل ما زيّنتَها به من فتنة وجمال نديمًا يسامرهم وجليسا يؤنسهم ونجيا يتأثُر لأنّاتهم ويتمايل لآهاتهم!..


وأبدعتَ لهم ذلك كله -يا مولاي- من جوف أمِّهم الأرض!..


ألا بوركتِ أيتها الأرض، مصدر سلوى لأبنائك الذين لا تزال الحياة تحرّكهم على ظهرك

ولْيزدك الله رحمة بنا وحنانًا، يوم يعيدنا الردى منك إلى الأعماق.


ورأيتُ يا مولاي، أشتاتا من الناس يسرحون ويمرحون خلال تلك الآثار كما تسرح الدوابّ والأنعام!..

وقد اتخذوا من دونك حجابا، وجعلوا من نعمائك شغلا لهم عنك، ومن عطائك سببا لكفرانهم بك!..


ورأيتُهم يسجدون للمرآة التي يسطع فيها خيال الشمس، وهم عن وجود الشمس وحقيقتها غافلون!..


ورأيتهم قد فُتنوا بعبق الرياحين وصور الورد والزهر والياسمين؛

ولكنهم عموا أو تعاموا عمن أبدع الرائحة في العطر،وأخرج الورود من أكمامها، وفجّر الخضرة من جذورها!..


ورأيتُكَ يا مولاي، تشملهم جميعا بالمنّة والعطاء، وتوليهم جميعا الرحمة والنَّعماء.

تلك هي رحمتك بمن قد نسيَك وتاه عنك.

فكم هي رحمتك -ترى- بمن عاش يرقب فضلك ويستمطر جودك وإحسانَك؟!..


أيتها الرياض النّضرة!..


أيتها الورود الناعمة الضاحكة!..


أيتها الروائح الفاتنة العبقة!..


لَشدَّ مَا يطربني وينعشني أن أجدني غريقا فيما بينكم،

ملفوفا بتَحنانكم، ولكني ما انتعشت منكم بشيء أكثر من الأمل!..


الأمل!.. أقرؤه في تماوج العشب مع الرياح السارية،

وأجده في انبعاث روائح منعشة شتى من تلك الورود النضرة،

وأسمعه من حفيف الأغصان وتصفيق أوراقها الرقيقة الخضرة.

تحيااااااااتي للجميع
منقول للفائدة


المتفائل بالله ..:: كـــ vip ــــبار الشخصيات ::..

جزاك الله خير
أسأل الله ألا يحرمك الأجر
أسأل الله العظيم أن يجعل ما نقلتيه لنا في ميزان حسناتك
اللهم اشرح صدرها ويسر أمرها وأغفر ذنبها
اللهم ارزقها من حيث لا تحتسب
أسأل الله العظيم أن يحرم بشرتها عن النار ووالديها وجميع المسلمين
اللهم آمين

توقيع

يارب يا رب يا رب
اللهم واجعلني من الراضي بقضائك . الصابر على اختبارك وابتلائك . وأعقب لي بعد الصبر فرجا , وبعد الضيق والعسر يسرا

يارزاق ياذا القوة المتين ارزقني الـذرية الصالحة
اللهم آآآآآآآمين
&&&&&&&&&&
* غيابي لإنشغالي
أحبكم في الله
Booov4live ..:: عضو مميز ::..

وشتان بين دموع اعتصرتها الآلام من العيون ،،، ودموع استجابت لذل العبودية فانحدرت تبكي لمن خلق الوجد في القلوب ،، واودع الحرقة في الدموع ...


ألف ألف ألف شكر ،،،،مناجاة صادقة ورب سميع غفور


، شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

فراشة برونزية كبار الشخصيات

توقيع
عبدالله الشمالي ..:: كـــ vip ــــبار الشخصيات ::..


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعطيك العافيه على الابداع الرائع والطرح المميز وجعله الله في موازين حسناتك ونفع الله بعلمك.....؟؟؟؟؟؟
ننتظر جديدكم ...؟؟؟؟ لكم مني اجمل تحية........؟؟؟
اخوكم / عبدالله الشمالي


Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية