فيصل الروقي ..:: عضو برونزي ::..

مقدمه :
دورة الحياة هي إحدى التجارب البشريه الكونيه .. نحن نسلم الشعله لمن يلينا .. قد يصعب علينا احياناً أن نستوعب تلك الآثار التي تخلفها الحياة على أجسامنا .. ذلك ان الحياة ترسم لنا خط الزمن وكأنه خريطه مطبوعه على جلودنا .. نحن لانملك القدره على التصدي للزمن , ولكننا نملك القدره على رؤية أنفسنا من منظور مختلف ..
وفي هذه القصه نلقي الضوء على أحد المواقف التي تعكس هذا المفهوم بين أم وزوجة ابنها.

((وهذه فتاه تحكي قصتها ))..

أذكر أنه في عشية يوم زواجي , بينما كان التوتر يسودني وكنت أجرب ثوب الزفاف للمرة العشرين , جاءتني جدتي لأبي في غرفتي وأغلقت الباب ومن عاداتنا في ذلك الوقت أن ترجع الفتاة إلى بيت أهلها حيث يقام العرس.. لذا كنت قد عدت وقتها الى بلدتي قبل يوم العرس بثلاثة أيام لإعداد الحفل الذي يسبق ويلي المراسم التقليديه للزواج.
كنت أعاني وقتها بالفعل بعض الاضطرابات , ولكن ظهور والدة زوجي في هذه الساعة تحديداً أصابني بحالة من الذعر..

وقفت بالباب متكئه على عصاها وشعرها الرمادي معقوص في غطاء الرأس وهي مرتدية رداء نوم مشجر زاهي الألوان, وأخذت تحملق فـيَ
.. لم تبتسم أو حتى تتحرك لمدة دقيقتين كاملتين .. ثم خطت بجواري وأخذت بيدي إلى أن أجلستني على السرير..
قالت لي: " تعالي ياصغيرتي , أجلسي .. هناك شئ أود أن أريه لك "
دار رأسـي .. لم يكن قد سبق وتحدثت إليها كثيراً على أنفراد حتى تلك اللحظة.. وكانت قد أشتهرت بعنادها ومشاكستها وإثارتها للمشاكل وصعوبة إرضائها..
في هذه الليله خاصه لم أكن أريد أن يعكر عليَ شئ صفو سعادتي ..
فزعت من كونها يمكن أن تقدم لي -كما تفعل الكثير من أمهات الزوج- بعض الأعشاب أو الوصفات للإخلاص أو إثارة الشهوة أو الخصوبة..
كيف أتصرف..؟
كيف يمكن أن أرد طلبها برفق ولكن بحزم بدون أن أبدو وكأني فتاة متحضره متمرده..؟
أخذت أجوب بنظري في أنحاء الغرفة باحثة عن شقيقتي , لقد كان من المفترض أن تساعدني في أرتداء الثوب ولكنها كانت كعادتها قد أختفت , كان هذا هو دأبها كلما أحتجت أليها..
ولفزعي ودهشتي بدأت السيدة العجوز تفك أزرار ثوبها .. بدأت يداها الجعدة المهتزة تكشف شيئاً فشيئاً عما كان أجدر أن يبقى مستوراً..!
قبل أن أصرف نظري عنها وقد أعتراني الحرج , وقعت عيني على ثديها , كان مدلَى ولامعاً , ولكنه كان متغضنا كثمرتين من البرقوق الأسود , وقد بدا متدلياً من جسدها النحيل.
قالت وهي تضحك في نفسها ضحكة خافتة : "أنت الآن تملكين جمال الشباب , لذا قد تشعرين بالأنقباض عند رؤية ثديي المجعد".
بدت أبتسامتها أكثر وضوحاً عندما كشفت عما تبقى من أسنانها المدلاة من لثاها الوردية ذات البقع البنية.
شعرت وقتها أنني تائهة وعاجزة عن ان أنبس ببنت شفة.
واصلت حديثها قائلة : "ولكن فقط أنتظري وسوف ترين أنه مع مرور الفصول , سوف يزداد خصرك بدانة , وفخذاك امتلاءً تماماً مثل القمر المستدير , وسوف يسقط ثديك ويتدلى مثل الفاكهة التي فات أوان نضجها فوق الشجر " .
عندها كان صدرها قد أصبح مكشوفاً تماماً أمامي . حاولت أن أشيح بوجهي عنها دون أن أبدي علمة أمتعاض .
فأمسكت يدي اليمنى بيدها ثم وضعتها فوق خدها المتجعد وجعلتني ألمس كل تجعيدة فيه .
كان بوسعي أن أتحسس كل خط في وجهها , تلك الخطوط الرقيقه في جفنيها , وثنيات جبهتها بينما كانت تقود يدي برفق فوق مساحة وجهها بالكامل . وبينما كانت تحرك يدي , أخذت تتحدث برفق :
" كان هذا من جراء الدموع التي سكبتها عند ولادة زوجك .. يا إلهي ! كم كانت الولادة مؤلمة ! كانت تؤلم تماماً مثل البرق الذي يقسم الشجر ..
أشعرتني وكأنني أريد أن أغني وأصرخ في آن واحد . وهنا تماماً - هذا هو الخط الذي تشكل عندما بدأ يتكلم .. كم كنت أضحك وأغرق في الضحك !
هذه التجعيدة هناك , نعم هناك , هل تستشعرين مدى عمقها ! لقد شقت وجهي عندما ترك المنزل لينضم الى جبهة الحرب مع المناضلين الابطال على الحدود بعيدا عني . يا إلهي ! كم كنت قلقه . آآه ,
وهذه التجعيده الصغيره هنا , لقد تشكلت من أبتسامتي كلما راودتني ذكريات نجاحه .
وهذه التجعيدة , نعم , مازالت تؤلم , لاتضغطي عليها بشدة , كانت عندما زجوا به في السجن , أخذوا يضربونه لأنه حاول ان يحمي الشباب الآخرين الذين كانوا يناضلون معه من أجل وطننا وحمايته . " عندها سرحت بعيداً حتى هيئ لي أنها على وشك البكاء.. ولكنها أكتفت بهز رأسها ثم حركت يدي برفق فوق جلدها السميك كي أتحسس ثديها.. وهي تقول :
" من هنا أستمد زوجك قوته .. من هنا أكتسب قدرته على الحبو , هنا كان يسعى لفك قميصي طلباً للبن .. لقد أرضعت ستة أطفال , ياإلهي ! ستة أطفال أقوياء أشداء ! "
ربتت ثديها برفق .. تنفست الصعداء عندما تركت يدي وبدأت تغطي نفسها.

ثم أكملت حديثها لي : " أنتم تنظرون إلينا نحن العجائز , ونحن نغطي أنفسنا من أخمص قدمينا وحتى رباط رأسنا , وتنظرون إلى ملابسنا البسيطه .. وهذا لأننا نفهم الطبيعة تماماً .. لقد عشنا معها طويلاً , عشنا أعماقها ..إنها أمرأة تماماً مثلنا ...
جمالي يكمن هنا الآن ."قالت وهي تشير إلى تجاعيدها وثديها :"هنا علامات الولادة وهنا علامات الحياة .. إن وجهي كما يبدو الآن هو خريطة أفراحي وأتراحي , أنه كنزي الثمين تماماً مثل خصرك النحيل وثديك المكتنز .. هذا هو دليل وبرهان الحب الذي منحته لأفراد أسرتي .. ليست هناك علامة من بين هذه العلامات تخصني إنها تخصهم جميعاً , إنه جسد الحب.
قد تنظرين اليه انت على انه جسد قديم مترهل عديم الحياة , ولكنك في يوم من الايام سوف تدركين أن لكل فصل جماله .. إن غلاف ثمرة جوز الهند الصلب الجعد هو الذي يحمي العصير الحلو الذي يكمن بداخل الثمرة.
إن جسد الشباب يدرك زمنه ويجب ان يعيشه حتى آخر ذرة فيه .. تماماً مثل جسد الحصاد الذي يدرك زمنه ووقته , هذا هو جسدي إنه جسد نضج وأثمر وبدأ يلملم شتات نفسه .. وفي يوم من الأيام سوف يأتي جسد الأرض إنه الجسد النهائي .. انه الجسد الذي سوف نئول إليه جميعاً..
لقد جئت لأراك الليلة , ياابنتـي , لكي أقول لك هذه الكلمات التي سبق وقالتها لي والدة زوجي منذ سنوات طويله مضت في ليلة عرسي , حتى تبقى حكمة الأسلاف باقية ومزدهرة مع كل نبتة جديدة , وحتى تبقى جذورنا ضاربة وراسخة في الأرض بدون أن تموت.
"وعلى ذكر الموت , أخذت تتمتم ببعض الدعوات وبقيت صامتة للحظة .. وبينما كانت ترتدي ثيابها , همست في صوت أخذت تقول لي وانا أرتعد كالفأر , تماماً مثلك : " إن جسد المرأة يتبع القمر .. وهو ليس ساكناً وصلباً كجسم الرجل .. إن سعادتها وحزنها يتخذان أشكالاً عديدة , في كل يوم قد يتعرض بريق نورها وأعماق ظلالها الغامضة للتغير ..
إن المرأة قريبة من الأرض ومع ذلك فهي قريبة من السماء .. إنها تنمو كالحصاد وتنضج كالفاكهة ..
عندما ينظر إليك أبني - بعد أنجاب العديد من الأطفال - باحثاً عن جمال الشباب , عن جسد الحصاد , فهذا جسد سنواتك الأخيرة ..
إنظري إلى الطبيعة , كيف ترتدي حلة في كل فصل .. في فصل الربيع تزين نفسها بحقول من الزهور والبراعم الوردية , بثمار فاكهة المانجو والخوخ والليمون , ومع حلول البرد ترتدي رداءها القاتم البني والذهبي , وعند هطول المطر تتحول الى اللون الرمادي والأزرق المضطرب , يجب أن تفخر المرأة دائماً بنفسها وتعتني بها.
هذه هي المبادئ التي يجب أن نتبعها مدى الحياة .. وحتى نحن العجائز
عند هذا الحد , بدأ صوتها يعلو وأخذت تدق الأرض بعصاها وتتنهد بصوت مرتفع
" تمسين على خير ياعزيزتي .. سوف تسعدين ابني , أعلم ذلك .. وسوف تكونين محط فخر لنا جميعاً ...
وبهذه الكلمات فتحت الباب , وأخذت شمعتي وتركتني في ظلام دامس .. بقيت مذهولة بلا حراك .. كنت قد فتـنت بجمال الكلمات وانتابني الفزع من معناها ..
شعرت بشئ من الفخر أمام تلك الحميمية التي تجاوزت الحواجز التي شيدتها الكرامة واللياقة والعادات .. لقد أرتني جسدها وكأنه تحفة رائعة للنفس البشرية وبرهان على صمودها أمام قسوة الحياة .. لكم تمنيت في هذه اللحظات أن يقف جسدي شامخاً - إن كتب عليه أن يتدلى ويهرم , وهو أمر لامفر منه - وفخوراً في وجه السنين تجسيداً لانتصار الروح ...
لكم تمنيت عندما تثقلني السنون وتحني جسدي أن أربت على تجاعيد عيني وجسدي وألمـس جسـدي المترهـل وكأنه رداء عزة لحياة حافلـة بالعطـــــــاء.



أعزائي رويت لكم القصه للفائده لانها بها من الرسائل والقيم الجميله.. فماذا استفدت من القصه ..؟

توقيع
فصول عمري الاربعه


في ليالي الشتاء الباردة : أكتب دفء كلماتي
في ليالي الربيع المزهرة : تزهر ذكرى سنيني‏
في ليالي الخريف الدافئة : تتساقط أحزان عمري‏

في ليالي الصيف المذهلة :أحن لنسمات وطني
FAISAL AL-ROGI
أغ ـــانيج ..:: كبار الاداريين ::..

:clap::clap::clap:

راااااااااااااااااااااائعه جدا جدا

ابدااااااااااااااااااع

يعطيك الف عافيه

انتظر جديدك

توقيع
الحب دعاااااء
فمن يحمل في قلبه حبا لي ...
فليذكرني بدعوه ,,
يعلم الله كم احتاجها :111:
سامحوني على الغياب
ظروفي لا تسمح لي بدخول المنتدى هذه الفتره
وسامحوني ان طاال هذا الغياب ولم اعد
همس الكناري ..:: جديد ::..

وان من البيان لسحرا
كلمات درر معانيها في مابين سطورها
اخ فيصل قصه جميله معبره لك كل الشكر والتقدير..

كوله مو معقوله ..:: كـــ vip ــــبار الشخصيات ::..

اخ فيصل .. الله يعطيك العافيه قصه رائعه ..

ومعاني اروع ...

تقبل مروري

توقيع
السلام عليكم :msn-9ef96af442:
وحشتووووني والله... تعرفووون شوووووق قلب كبير عشق كثييير... الخ

جالسه اغنيها لكم.. كل اللي كنت اعرفهم ويعرفوني عساكم بخير
: :111:
فيصل الروقي ..:: عضو برونزي ::..

شكرااا أختي أغانيــــج على كلماتك وتشجيعك

لكن تمنيت تذكرون ولوفائده واحده من هذه القصه...!

يعطيك العافيه

توقيع
فصول عمري الاربعه


في ليالي الشتاء الباردة : أكتب دفء كلماتي
في ليالي الربيع المزهرة : تزهر ذكرى سنيني‏
في ليالي الخريف الدافئة : تتساقط أحزان عمري‏

في ليالي الصيف المذهلة :أحن لنسمات وطني
FAISAL AL-ROGI

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية