عبدالكريم الجرباء
عبد الكريم الجرباء غنى عن التعريف رغم أنه لم يعش طويلاً , و يروى أنه قتل على يد العثمانيين, في عز شبابه وعمره لايتجاوز الأربعين اى في وسط الثلاثين من العمر 0
يعتبر الشيخ عبدالكريم الجرباء من كبار الفرسان الذين ذاع صيتهم في فتره قصيرة بين العرب بل بين العجم , حيث عرف عنه رحمه الله, الكرم و الشهامة و عزة النفس, ويعتبر من الثوار العرب الذين حاربوا وجود الأتراك, محاولين طردهم من بلادهم إلى الأبد0

ولد الشيخ عبدالكريم الجرباء في عام 1245هـ تقريباً في العراق وأخواله آل حسين وهم شيوخ قبيلة طيء المعروف في الجزيرة العربية0
نشأ الشيخ عبدالكريم صفوق الجرباء رحمه الله وترعرع في بيت أشيوخ وزعامة, وقياده وفروسية وكرم وشجاعة, وأيضاء لشيخ عبدالكريم صفوق الجرباء أخوه من أم أخرى0 عندما سمع بمقتل والده غدراً من قبل حراس الوالي التركي, عام 1256 هـ, قرر أن يهجم على الوالي التركي ليقتله إنتقاماً لمقتل والده إلا أن قومه,حالوا بينه وبين ذلك لخطورة الأمر عليه فأقسم أن يقتل الأتراك متى وجدهم ,و يقاتل جيوشهم و فرقهم ,ومراكزهم المنتشرة في بلاد العراق0
وفعلاً قام يهجم على مراكز الأتراك وجنودهم فقتل منهم الكثير, وشتت جموعهم حيثما وجدهم, وكثف من الغارات على حملاتهم وحامياتهم ,حتى زعزع كيانهم وأرهبهم
وقد أشتهر الشيخ عبدالكريم الجرباء, بسخاء الكرم وحبه للعطاء ورحمته للضعفاء والمساكين حتى لقب في ( خوذه ) أي إذا طلب منه احد حتى لو كان غالى عليه مايرده بل يقول له خوذه ويقال أسباب التسمية ,عندما يغزو بقبيلته,ويعود من المعركة منتصراً على أعداه0 كان الفرسان يعرضون أمامه الغنائم والمكاسب والذهب, والمجوهرات0
-----------------85--------------------
وكان كلما عرض فارساً بما كسب قال له هذه الكلمة( خوذه ) تستأهله حلال عليك,وهذا يدل على شهامته وعزة نفسه,وأن الشيخ عبدالكريم رحمه الله,ليس طماعاً ويفعل كما يفعل شيوخ بعض القبائل الذين يسيطرون على كل غالي من الغنائم ويتركون الباقي يفرق على باقي المشاركين بالحرب,ويعتبرمن أشهر وكرماء العصر وعزة نفسه وشهامته تدل على ذلك0
ويروى عنه قصص كثيرة تدل على شهامته وكرمه منها قصته مع الحايف وشيمي الظفيرى الذي تم إرجاع أبله له, رغماً أنها كسب و غنائم القبيلة في معركة حدثت بينه وبين أعدائه
مزيد من قصص كرم الشيخ عبدالكريم الجرباء راجع الجزء الأول من كتابنا هذا ص10و017
بداية حربه مع الأتراك
كان الفارس الشيخ عبدالكريم الجرباء رحمه الله, مثل أبيه يتطلع إلى الاستقلال, عن الدولة التركية,فقام بثوره بالعراق,فحاربهم و دخل معهم في معارك كثيرة,عكس أخوه فرحان الذي كان يميل لسلم, وعدم الدخول في صراع مع العثمانية, والتي أطلقت عليه الحكومة التركية لقب الباشا,ويقال إن هذا اللقب معروفين به إلى يومنا هذا0
عندما ضاقت الحكومية التركية من الشيخ عبدالكريم, الذي كان يطالب بالثأر لمقتل أبيه,وانتقاماً لكل شمري تضرر بسببهم,فقد هاجم الشيخ عبدالكريم جيوشهم, وتسبب بتدمير مراكزهم المنتشرة في العراق , فأطلقوا على ثورته ( خراب عبدالكريم )0
كان الوالي التركي العراقي الذي حارب الشيخ عبدالكريم الجرباء, أسمه مدحت باشا فقد كان يغرى الشيخ بالمال,والمناصب العلياء,من أجل و قف الحرب ضد الدولة العثمانية0 ولكن الشيخ عبدالكريم يرفض ذلك زاهداً بالمناصب على حساب مبدئه وثورته وحقوقه0
--------------------86------------------------------

خيانته و القبض عليه, وإعدامه
حاول مدحت باشا إن يمنع الشيخ عبدالكريم, من الوصول إلي نجد ,فكتب رسالة إلي صديقه ناصر السعدون شيخ المنتفق, المعروف بالأشقر, فدبر حيله وخدعه,من أجل أن يقبض علي الشيخ عبد الكريم,أثناء تحركه في وسط البادية,فقد كان ناصر السعدون ,علي استعداد تام لتنفيذ إي أمر من الوالي رغبه في كسب ثقته,وكسب مبلغ العشرة ألاف قرش
فقام ناصر السعدون بالتقصي عن إخبار الشيخ عبدالكريم إلي إن جاه الخبر بمنزل الشيخ عبدالكريم, فأرسل للشيخ عبدالكريم يدعوه إلي وليمه أعدت لأستقباله والحفاوة بقدومه , وانه سيحاول جاهداً, إن يحصل له علي عفو من السلطات التركية,وهدنه, والكف عن مطاردته أو محاربته, في حين أنها كانت,خطه غادره وماكرة وخبيثة و كريهة ومذمومة عند العرب للقبض علي ضيفه الشيخ عبدالكريم, فقد اخفي الجنود الأتراك في بيته للقبض عليه عند قدومه ( وهذه الخيانة)تشبه خيانه بن عوده حين اتفق مع الأتراك,أن يقبضوا على راكان بن حثلين زعيم قبيلة العجمان وقبضوا عليه في وسط عشي بن عوده 0
مزيد من القصص عن بن حثلين وحربه وسجنه مع الأتراك راجع الجزء الأول من الكتاب0
فحضر أبو خوذه رحمه الله, آمنا مطمئنا لمكان الدعوة ,فلم يتوقع ولو 1% أن يقوم ناصر ويخونه في وسط بيته0
عند وصول الشيخ عبدالكريم بن صفوق بن فارس الجرباء,بيت ناصر,أخرج الأتراك من بيته وأمرهم إن يلقون القبض عليه وأصبح هذا الغدر وخيانة العهد والميثاق عاراًً علي ناصر السعدون بين القبائل جميعاً, فقد قال أحد الشعراء في هذا الموقف :
ياناصر السعدون لو أنت بيـده= ماعطاك لو يقضبون السما بيده
فلما رأي الشيخ عبدالكريم نية الغدر به, أراد ركوب فرسه ليقف في وجه أعدائه,ولكن كثرة الأتراك وقلة أتباعه,لم يتمكن أن يفعل شي,فأحاط به الجنود الأتراك, من كل مكان0
-------------------------87---------------------
فلما تم القبض عليه, أرسلوه إلي الوالي التركي مدحت باشا في بغداد,والذى بدوره حكم عليه بالإعدام,فقتل شنقاً ودفن جثمانه رحمه لله عند قبر النبي يونس بالموصل في العراق0
قصائد مدح ورثاء في عبدالكريم الجرباء رحمه الله:
يقول الشاعر خلف ابوزويد هذه القصيدة الرائعة بمدح الشيخ عبدالكريم أيام حياته:
عبدالكريم الله علي الناس بـداه= رقا سنا بالمجـد مالـه لطيـم
يمشي بثوب العز والرب مشـاه= عطوه من الذي راضين به رحيم
من جيه حوا لازم لليـوم لاقـاه= ماشفت مثله بـالاوادم كريـم
بالفعل مشكور سطيرن بيمنـاه= معبد بالجود وبالسياسة فهيـم
يدوس خبات المـدارس بمثـلاه= خواض خبات المدارس عزيـم
نفل بقول خـوذه للـي تنصـاه= عليه من تلحين موسي الكليـم
وقبل يقولن حبسهـن بالملاقـاه= فجحان الـي يعوقـن للجريـم
اللي ذلولـه ماتونـي بممشـاه= فرز الوغا نقاض ذات الخصيم
عبدالكريم اللي جـلال عطايـاه= يعطي ارجاب ومحصنات الرهيم
شهدوله الحكام والتـرك بحمـاه= لو مازالك بصيـص وحكيـم
وعندما قتل عبدالكريم (أبو خوذه)من قبل السلطات التركية رثاه محدي الهبداني بقوله:
يا دار سلطان العرب وين هو صار----ريف الضعافي مهفي المال والخيل
يا دار وين هديب شيال الأقطار----لوك الزمول اليا تحايد عن الشيل
حـر مـثـل مـن سـبـكـة طـمـار----صادوه غـمجين البـصاير هل التيل
يا عل هـاك الوجيه يحجز عن النار----بجاه الملوك إلي من الله مراسيل
مـن الـبصرة لرفة لفيحة لسنجار-----الرشـم مـا ينـهج وياتي بلا كيـل
ولـكن بـراس الـذرو شـبـت الـنـار----ولكن سرت به ركـاب التـعاليـل
يا دار مـا طـبـك هـماليـل وأمـطـار-----ريـفك محل عقب العصاة المشاكيل
--------------------88----------------
وهذه قصيدة قالها, الشاعر الغزيعي يمدح الفارس الشيخ عبدالكريم رحم الله الجميع0
نصيتك ياعبدالكريـم بحاجتـي= وجرالي من طول المسير عذاب
ولقيت علي مراح الشيوخ زباره= زاد مـن السكـر وزادي ذاب
الشاهد الله والمسمـي بالسمـا= سماك ياعبدالكريـم وصـاب
أنا اشهد انك مثل هداج تيمـاء= يفيد لو هو بين الواردين سراب
مانقصه لو سواك تسعين ساقيه= وتسعين غرب غرفهن صباب
طالبك من جملـه الخيـل كبـه= كبا وصـدره سـواه البـاب
الزور والزاغور ماريد خيلهـم= بيني وبين الفاينيـن حجـاب
الشاهد الله والمسمـي بالسمـا= واش الفزيعي من عشيره وجاب

وهذه قصيده قالها الشاعر فجحان الفراوي المطيرى في آل جربا والشيخ عبدالكريم :
أخذت لي من بين الاثنين سجـه= مابين ابوبندر وولـد الأمامي
من عقبهم نأخذ علي الهجن هجه= لديار سمحين الوجيـه الكـرام
لمشاهد الجربان فـرض وحجـه = ماهم بنـاي الشعـر والخيـام
اما الكرم مافيـه صجـه ولجـه= ومحد يغالطهم جنـوب وشـام
منصاي هو ملفاي يـوم أتوجه= عبدالكريم الليث هو غايه مرامي
كم واحد من بعيـد جـا يسجـه= يبي يشوفـك يابعيـد العـلام
وكم مره خلي علي الضد عجـه= فرسان يكدون العدو بالزحـام
أخر كلامـي لبوخـوذه موجـه= شط الفرات إلي حدتك الضوامي
يالله ياوالـي المقاديـر نـجـه= حيثن كريم ومن موارث كـرام
نكتفي من قصص هذا الفارس الشهم, الذي صنع مجداً ,وعزاً,0


اتمنى ان تحوز هذه الشخصيه التي يفتخر بها رضاكم واستحسانكم