[frame="1 98"]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفت ذات يومٍ أسيراً لدموع فتاة يتيمة ..
وقفت أنظر بعطفٍ إلي ثيابها الممزقة ..
وفي يدها دمية قديمة ..
دمية نُزعت يديها لتفقد كلمة لعبة وتحل مكانها كلمة دمية بالية ..
تتحضنها الفتاة بين ذراعيها وكأنها جديدة ..
لتسير في الطرقات وقدميها مثخنة بالجراح الأليمة ..
أشعل مرأها الفضول في عواطفي الضعيفة ..
فقدمت نحوها ودنوت منها لأرى في عينيها فتاة تائهة ..
فقلت بعبرةٍ : لما هذا البؤس على وجهك أيتها الجميلة ..
قالت لي ما أنزل دمعي وقطع قلبي فقدت أبواي وأنا طفلة ..
ليأخذني رجل رباني بين أولاده خادمة ..
خادمة ليس لها حقوق حتىالاتبسامة ..
تلك الأبتسامة التي أسرقها في ظلمة الخلوة ..
خَشيتَ أن يراني فيبرحني ضرباً حتى يدمي جراحي بقسوته ..
يضربني وكأنني ارتكبت ذنباً لا يغتفر في حقه ..
أعيش أسيرة الخوف والحزن حتى العيد فرحة الأطفال لم أحظى به ..
بل لم أكن أعرف في أي يومٍ يأتي من السنة ..
أتعرفُ العيد عندما يلبس الأولاد ثيابهم أمام المرآة بفرحةٍ ..
تلك الثياب التي أرقبها من بعيد وألبسها بعيني لثوانٍ قليلة ..
أصحو من شرودي على صفعةٍ آمرةٍ ..
صفعة مصحوبة بالذل والمهانة ..
لأعمل في صمتٍ وكأنني نسيت حروف اللغة ..
أعمل حتى تصرخ أطرافي مستنجدة ..
تطالب عقارب الثواني بأن تحضر وقت النوم بسرعةٍ ..
تجري العقارب فوق الأرقام رغماً عن الساعة ..
تتجاوز حدود الوقت كي تهبني الراحة ..
ما إن يأتي الوقت حتى أرتمي على الأرض وكأنني جثة هامدة ..
أخلد إلى النوم وأحلم بحلمي المعتاد بأنني فتاة تذهب كل يومٍ إلى المدرسة ..
تلك المدرسة التي لم أرى منها إلا أسوارها الكبيرة ..
كم يتقطع قلبي لمرأى الفتيات كل صباح بأزيائهم الموحدة ..
لطالما تمنيت أن تهبني الأحلام مثله ..
و أسير على الأرض ببطئ حتى لا تعلق الشوائب بخيوطه ..
سأمشي أمام كل من حرمني لذة ارتدائه …
سأمشي حتى يأتي حاقد ويقتل فرحتي بسهامه ..
سيأتي ويمزق الخيوط التي نسجته ..
فهم يستكثرون علي الأحلام القليلة .
O
O
أتعرف لو علم أهل البيت بأحلامي لتناوبوا على دمار لحظات تلك السعادة ..
فلا تلمني إن رأيتني أسير يوماً في الطرقات هائمةً ..
فأنا من استطاعت أن تبكي الجماد وتزرع فيه الشفقة ..
كلما مررت بحجر رأيته يبكي بلوعةٍ ..
يبكي لمرآي دون أن أخبره عن الجراح العليلة ..
أعذرني إن كنت أبكيتك يا عماه ..
فالشكوى محرمة علي في بيته ..
لذلك أخرج بعيداً حتى أحكي لدميتي عن ظلمة ..
أتعلم يا عماه بأنني لم أعرف طعم الطفولة ..
فأنا خادمة تعمل في صمتٍ وإن اشتكت لا تشتكي إلا للعبة …
O
O
عماه كفاك بكاءً على فتاة ميته ..
فأنا دمعة في الحياة لا تسقط إلا مرة واحدة ..
لقد خرجتَ تروح عن نفسك وأنا زدت حزنك حزناً فكيف ستحمله ..
أعذرني على شكواي فقد احتجت أن أتحدث إلى شخص ذو مشاعر بدلاً من الدمية ..
تلك الدمية التي أصابها الضجر من شكوتي المستمرة ..
عماه أرجوك أن تنسى ما قلت لك من أحزانٍ دائمة ..
وأن تسير في دروب الأرض وتنظر إلى كل حمامة طائرة ..
ستجدها تحمل آلامي ودموعي في رسالة ..
أفتحها إن كنت تريد أن تعرف نهايتي البائسة ..
والآن أعذرني لقد تأخرت سوف أذهب حتى آخذ العقاب منه .. توارت عن ناظري بخطوات ثابتة .. توارت وكأنها لم تكن قبل لحظات مهمومةٍ .. رحلت بشموخ وتركتني غريق دموع الرحمة ..
[/frame]
نقلتها لشدة تأثري بها :crying:
العرض العادي
