قلب من زجاج ..:: مبدع ::..

بسم الله الرحمن الرحيم






حِكَم وأسرار من قوله تعالى:






{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}




قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-:


"في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد:




فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه،


لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من


جانب المضرة؛ لعدم علمه بالعواقب، فان الله يعلم منها مالا يعلمه العبد،


وأوجب له ذلك أمورًا منها:







* أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه في الابتداء؛ لأن عواقبه كلها


خيرات ومسرات ولذات وأفراح، وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع.






* وكذلك لا شيء أضر عليه من ارتكاب النهى وإن هويته نفسه ومالت إليه،


وإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب، وخاصيَّة العقل تحمُّل الألم


اليسير لما يُعْقِبه من اللذة العظيمة والخير الكثير، واجتناب اللذة اليسيرة لما


يُعْقِبها من الألم العظيم والشر الطويل.






فنظر الجاهل لا يجاوزُ المبادئ إلى غاياتها، والعاقل الكيِّس دائمًا ينظر إلى



الغايات من وراء ستور مبادئها، فيرى ما وراء تلك السُّتور من الغايات



المحمودة والمذمومة، فيرى المناهي كطعامٍ لذيذٍ قد خلط فيه سم قاتل، فكلما


دعنه لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السمِّ، ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق


مُفْضِ إلى العافية والشفاء، وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله أمره نفعه


بالتناول؛ ولكن هذا يحتاج إلى فَضْلِ علمٍ تُدْرَك به الغايات من مبادئها، وقوة


صبر يوطِّن به نفسه على تحمل مشقة الطريق لما يؤمِّل عند الغاية، فإذا فقد


اليقين والصبر تعذَر عليه ذلك، وإذا قوى يقينه وصبره هان عليه كل مشقة


يتحمَّلها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة.







* ومن أسرار هذه الآية: أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب


الأمور، والرضا بما يختاره له ويقضيه له؛ لما يرجو فيه من حسن العاقبة.






* ومنها: أنه لا يقترح على ربه،ولا يختار عليه،ولا يسأله ما ليس له به


علم،فلعل مضرته وهلاكه فيه وهولا يعلم،فلا يختار على ربه شيئًا؛ بل يسأله


حسن الاختيار له،وأن يرضِّيه بما يختاره،فلا أنفع له من ذلك.






* ومنها: أنه إذا فوَّض إلى ربه ورضي بما يختاره له، أمدَّه فيما يختاره له بالقوة


عليه والعزيمة والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عُرْضة اختيار العبد


لنفسه،وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه،بما يختاره هو لنفسه.





* ومنها: أنه يُرِيُحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات،ويُفرِّغ قلبه من


التقديرات والتدبيرات التي يصعد منه في عَقَبةٍ وينزل في أخرى،ومع هذا فلا


خروج له عما قُدِّر عليه،فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود


مشكور ملطوفٌ به فيه؛ وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به


فيه؛ لأنه مع اختياره لنفسه.




ومتى صحَّ تفويضه ورضاه،اكتنفه في المقدور العطف عليه، واللطف به،


فيصير بين عطفه ولطفه، فعطفه يقيه ما يَحْذَره، ولطفه يهوِّن عليه ما قدَّره.






إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تَحَيُّله في رده، فلا أنفع له


من الاستسلام، وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحًا كالميتة، فإن السبع لا


يرضى بأكل الجيف!







فوائد الفوائد
الإمام ابن القيم -رحمه الله-

فراشة برونزية كبار الشخصيات

مشكورة على هذا الطرح الراااائع


جزاكي الله كل خير وبارك فيكي وجعلة في ميزان حسناتك ان شاءالله

توقيع
فديت رااافي ..:: عضو مميز ::..

جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

توقيع
ابوصلوحي ..:: كـــ vip ــــبار الشخصيات ::..

جزاك الله خير

الله يعطيك العافية

على طرحك المميز جدآ

بانتظار جديدك القادم


وشكرآ لك بارك الله فيك

توقيع


سيــــدة الغيــــد بنتظار تفعيل العضوية

جزاك الله خير ونفع بك وبعلمك
اشكررررررررك


Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية