R M N 44 ..:: مبدع ::..

إن للنطق علاقة وطيدة مع كل التغيرات الفكرية الحاصلة في هذه المرحلة , فمن خلال النطق يعبر الطفل عن العديد من المهارات الفكرية . بين السنتين والست سنوات , تصبح إنجازات الطفل في مجال النطق مذهلة ومدهشة , بحيث أن الأخطاء اللغوية التي يقوم بها تدل على أن إتقان اللغة يتم بطريقة ناشطة وذات قواعد ثابتة .
أولاً – تطور المفردات
بغض النظر عن ارتياد الحضانة أم عدم ارتيادها , فالتطور الفكري عند الطفل بين السنتين والست سنوات , حاصل من دون أي تعليم رسمي من قبل المحيط .
بعدما ينطق الطفل كلمته الأولى , تزدادا مفرداته ببطء , فعند عيد ميلاده الثاني , تكون ذخيرته حوالي الخمسين كلمة , مما يعني أنه يكتسب منذ عامه الأول , كلمة واحدة كل أسبوع . ويفسر الخبراء هذا النمط البطيء بأنه يعود إلى أن الطفل بين عامه الأول, وعامه الثاني يكون منهمكاً بالعديد من الأمور التي تلهيه عن اكتساب كلمات جديدة , فهو يتعلم المشي ويستكشف محيطه وكل ما فيه , ويكتشف العالم والناس حوله . ولكن ابتداءً من العام الثاني وبعدما يتقن الطفل المهارات الحركية الأساسية , تتسارع عملية اكتساب الكلمات الجديدة بحيث أنها تبلغ في العام السادس , حوالي الأربعة عشر ألف كلمة , مما يعني أنه يكتسب ما يقارب التسع كلمات باليوم . والمذهل في ذلك كله هو أن هذا الإنجاز يتم من دون تعليم , أي إن الطفل يلتقط معظم كلماته تلقائياً من جراء تعرضه لها عبر الحوارات التي يسمعها أو القصص المحكية له أو من مسلسلات التلفزيون وبرامج الأولاد وحتى الإعلانات الدعائية ....

من الواضح أن بعض الكلمات يلتقطها الأولاد ويحفظونها بسرعة وسهولة أكبر من كلمات أخرى , ففي البدء يتكون قاموسهم بمعظمه من كلمات ترمز إلى أشياء ملموسة في محيط الطفل التي تم استكشافها ذهنياً وحسياً وحركياً . بعد ذلك , تكتسب الكلمات التي تدل على أفعال ( ذهب , ركض , مستدير , كسر ... ) , وكذلك الكلمات التي تدل على أوصاف للأشياء ( أحمر , مستدير , حزين ....) , لكن يجب أن نتذكر أن الأوصاف المربوطة ببعضها من حيث المعنى , يأخذ الولد وقتاً أطول لاكتسابها : مثلاً يستطيع الطفل في عامه الثاني أن يستوعب الفرق بين " صغير " و " كبير " , لكن لا يستطيع التمييز بين " طويل " و " قصير " . فبالنسبة له , صغير يعني قصير , وكبير يعني طويل ...... هذا الإنجاز يتم في العام الرابع تقريباً . وفي الإطار نفسه , نرى أن الطفل يكتسب مفهومي " الآن " و " لاحقاً " قبل مفاهيم "الأمس , اليوم , غداً " .
إن الأولاد يكتسبون الكلمات الجديدة باعتمادهم مبدأ الفروقات , أي إنهم يعتقدون أن كل كلمة يسمعونها فريدة من نوعها وفي معناها , فكلما يتعرض الطفل لمفردات جديدة , يحاول فوراً فهمها من خلال مقارنته لها بالمفردات التي يعرفها ويألفها , ولهذا السبب نرى أن الأولاد غالباً ما يرفضون كلمتين تعنيان نفس الشيء ويصرون على استخدامها في ظروف خاصة بكل واحدة منهما .
هذا ونلاحظ أيضاً أن الأطفال في هذه المرحلة يستلمون الكلمات الجديده بإبداع , ومنذ عامهم الثاني , نراهم يبتكرون تعابير طريفة جداً , مستخدمين ما لديهم من مفردات للتعبير عن مفاهيم جديدة لا يمتلكون بعد الكلمة المناسبة لها . فالسنوات الأولى من حياة أولادنا تعج بأمثلة عن هذه الابتكارات المذهلة , مثل الطفلة التي تقول " فستان البيت " وتعني البيجاما , أو " علبة الأقلام " وتعني المقلمة ...... إضافة إلى ذلك , يبدأ الأولاد منذ عامهم الثالث بتأليف أمثلة حاذقة للتعبير عن مشاعر معينة , مثل الطفل الذي يقول " هناك قطار في بطني " عندما يسمع قرقرة معدته عند الجوع , أو " الغيوم تبكي " ليتحدث عن المطر . نلاحظ في هذه الأمثلة كيف استعان الطفل بمقارنات حسية مرتكزة على معلومات ملموسة , ومع تطور قاموس مفرداته ومعرفته للعالم حوله , سوف يتمكن الولد من فهم أمثلة مجردة ( مثل " الأصدقاء مثل المغنطيس " ) واستخدامها في حياته اليومية .
ثانياً – تطور النطق بين السنتين والست سنوات
في عامه الثاني يبدأ الطفل بتكوين جمل من كلمتين . ومع أن قاموس مفرداته محدود جداً , فهو يستطيع استخدام هذه الكلمات بطرق مختلفة للتعبير عن أمور عديدة , مثل وصف الشيء أو مكان الشيء أو حالة الشيء من خلال مقاطع كلامية محدودة خالية من أدوات الربط , مثل الظرف والضمير وحرف العطف , الخ
فعندما يقول الطفل " آكل غاتو " قد يعني ذلك في كلام الإنسان الراشد " إنني أتناول قطعة لذيذة من الحلوى في طبق جميل "! وحتى لو كرر الإنسان الراشد جملته المعقدة مرارا أمام الطفل لحثه على قولها , فقد يعود الطفل وينطق بكل بساطة " آكل غاتو " ! . ونفهم إذن من خلال هذا المثل لماذا سميت المرحلة بين السنتين والثلاث سنوات " مرحلة الكلمتين " , إذ إن الطفل أصبح الآن قادراً على تكوين جمل من كلمتين تعبران عن علاقات أساسية مثل : اسم ومكان , أو اسم وصفه
في هذا العمر أيضاً يبدأ الطفل باستعمال النفي ( ما بدي ) وبطرح الأسئلة ( " شو هيدا ؟ , شو بدك ؟, وين رايح "؟ )
تدريجياً ومن خلال هذه المرحلة , يزداد قاموس المفردات عنده , فالطفل يكتسب حوالي العشرين كلمة في الأسبوع و في عامه الثالث يستطيع التكلم بالجمع وعن الماضي والمستقبل .
بين السنة الثالثة والسنة الرابعة , تصبح جمل الولد أكثر تعقيداً , فهو الآن يستعمل ثلاث كلمات أو أكثر ( اسم وفعل وشيء , أو اسم وفعل ومكان , الخ ... ) , ويتكلم عن الماضي بوضوح أكبر أو أكثر ويتفنن باستعمال الجمع , ويستعمل التعابير المكانية بمهارة ( مثل : فوق , تحت , على , الخ ... ) . إنما نلاحظ العديد من الأخطاء اللغوية و أهمها التعميم حيث يحاول الطفل تطبيق قاعدة لغوية معينة في ظروف مختلفة , مثل قوله " برنيطات " بدلاً من برانيط وكرسيات بدلا من كراسي .
إن مثل هذه الأخطاء تشير إلى قدرة الولد على استيعاب قواعد اللغة تلقائياً بمجرد السماع إلى اللغة المحكية حوله , والمذهل في الأمر هو أن تصحيح الأخطاء يكون أيضاً تلقائياً , وكأن الطفل يفهم تدريجياً أن هناك قواعد منتظمة للغة , وأن هذه القواعد تحتوي على استثناءات تتطلب تعابير مختلفة .
ومع اقتراب العام الرابع تزداد جمل الطفل تعقيداً فهو الآن يستطيع ربط جمل مع بعضها للتعبير عن السببية مثلا " إذا بتطلع لفوق بتوقع " أو " إذا بتضربني بشكيك عند الماما " .
بين السنة الرابعة والسنة الخامسة , تبرز أسئلة " كيف " و " لماذا " و " متى " , ويستطيع الطفل ربط الجمل مع بعضها باستعمال واو العطف .
في هذا العمر أيضاً , يستطيع أن يروي قصة صغيرة ( مع بعض الأخطاء في التسلسل الزمني للأحداث ) , ويتقن العد من 1 إلى 10 , علماً بأن بعض الأولاد في هذا العمر يستطيعون العد إلى ما فوق العشرين
في المرحلة الأخيرة أي ما بين الخامسة والسادسة , نلاحظ أن هناك فرقاً قليلاً جداً بين القواعد التي يستخدمها الطفل في كلامه والقواعد التي يستخدمها الراشدون في كلامهم . فابن السادسة يصبح محاوراً فعالا , يستطيع إيصال أفكاره بوضوح إلى الغير إذ تراه يستمع بانتباه إلى حديث الاخر , وينتظر دوره للتكلم , ويبقى ضمن الموضوع الواحد للحديث , فيبدو لنا و كأن الطفل أتقن كل هذه الجوانب الوظيفية العملية للنطق .
ويجب أن نذكر أن إتقان مهارات الحوار الفعال يكتسب على مدى السنوات الأولى من الحياة من خلال احتكاكه اليومي بالمراجع المحيطة به , أكان ذلك في البيت أم في الحضانة .
فمثلاً نعرف أن ابن الرابعة يدرك تعدل نطقه ليتلائم مع خصائص مستمعيه أو محاوريه ( العمر والجنس والموقع الاجتماعي ) . كذلك فإن الطفل يعدل نوعية نطقه حسب هوية المحاور , فمثلاً إذا كان الشخص غريبا عنه , يستعمل الولد تعابير أكثر وضوحاً معه بالمقارنة مع تواجده مع شخص مألوف له ( عضو من الأسرة أو أصدقاء في اللعب ) حيث لا يقوم بمجهود إضافي لإيصال أفكاره .
ثالثاً – العوامل المؤثرة في تطوير النطق
كل ولد يختلف عن غيره من حيث عدد الكلمات التي يعرفها ويستعملها , فبعض الأولاد يتحلون بقاموس غني بالمفردات ويستعملونها في حديثهم اليومي بالشكل الملائم والبعض الآخر يملكون قاموساً محدوداً من الكلمات السهلة .
إن لهذه الفروقات عند الأولاد تأثيراً بالغ الأهمية فيما يتعلق بإنجازاتهم المستقبلية . ويجب أن نتذكر أن معظم اختبارات الذكاء مهمة من شأنها تقييم نطق الولد , فإن الطفل الفقير والمحدود قد يعتبر أقل ذكاء من طفل ذي قاموس كبير وغني .
حاول العديد من الخبراء في مجال النطق معرفة العوامل المؤثرة التي تقف وراء فقر أو غنى قاموس المفردات , واستطاعوا أن يستخلصوا سبعة أنواع من الخبرات التي تؤثر على تطوير النطق عند الولاد , وفيما يلي عرض لهذه الخبرات .
1.كمية الكلام الموجه مباشرة إلى الولد خلال الطفولة
تشير الدراسات في هذا الإطار إن نطق التوأم يتطور ببطء مقارنة بنطق الطفل الوحيد , وهذا الفرق يعود إلى كون أم التوائم منهمكة في توزيع نفسها بين الولدين , و بالتالي تأتي كمية كلامها الموجه مباشرة إلى كل واحد منهما أقل من كلام الأم التي تستغل كل لحظة من وجودها مع ابنها الوحيد في إقامة حوار مباشر معه .

2.تسمية الأشياء التي نعرضها أمام الطفل
عندما يحرص الوالدان على تسمية كل شيء يقع تحت انتباه الطفل أو كل شيء يتفاعل معه الطفل في المحيط , يصبح الطفل أكثر انتباهاً لهذا الشيء , وبالتالي تصبح عملية قرن الشيء باسمه أسهل .
3.التحاور مع الولد خلال اللعب
إن تسمية الأشياء للولد غير كافية , إذ يجب على الوالدين أن يشاركا ابنهما في اللعب . فالكلام الذي يستعمله الوالدان خلال اللعب سهل مكون من جمل قصيرة واضحة وقريبة جداً من قدرة الاستيعاب عند الطفل . إضافة إلى هذا , فالكلام خلال اللعب يسمح للطفل أن يدرك الربط بين الشيء والظرف المحيط به , مما يساعد لاحقاً على استخدام هذه الظروف نفسها كمرجعية لتفهم معنى الكلمات و إدخال كلمات جديدة تتلاءم مع الظرف نفسه .
4.القراءة للطفل
من المهم جداً أن نعرض الكتب المصورة أمام المولود , و أن نتحدث عن كل صورة معه , وأن ننتظر ردة فعله لهذه الخبرة " المرئية – السمعية " , وقد تأتي ردات فعله على شكل إصدار إشارات صوتية هي تعبير عن ابتهاجه واهتمامه بما نقدمه له . بهذه الطريقة , ومنذ الشهر الخامس بعد الولادة , نحمسه على التبادل " الحواري " مع الآخرين , ونجعله يقدر القيمة الاتصالية للنطق , كما أننا ندربه على قواعد الحوار السليمة وهي الاستماع إلى الاخر ومن ثم " إبداء الرأي " ! وكلما كبر الولد و أصبح ينطق ببعض الكلمات يجب على الأهل أن يستعملوا الكتب المصورة لإغناء قاموس المفردات لديه , فيعلمون من خلال الصور الجذابة , أسماء جديدة لأشياء عديدة قد يراها أو لا يراها في محيطه اليومي ( مثل الطفل الذي يعرف كلمة " أخطبوط " في شهره الثامن عشر ! ) . إن العديد من الدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذا النوع من القراءة مع الأهل منذ الصغر ينطقون بشكل أسرع , وتكون جملهم أطول و أكثر تعقيداً من جمل الأطفال الذين لم يخضعوا لمثل هذه التجربة . المهم هنا هو أن عملية القراءة هذه يجب أن تكون ناشطة , وأن تهدف إلى حث الطفل على طرح الأسئلة حول ما يراه أمامه من صور و ألوان و أشكال , وما نعنيه هو أنه يجب أن يكون الطفل مشاركاً فعالاً بدلاً من أن يكون مجرد مستمع مستقبل للمعلومات . فكلما استجاب الأهل لأسئلة الطفل , ازدادت وتعقدت مفرداته . ولكن يجب التذكير هنا بأهمية التأكد من أن اكتساب كل هذه الكلمات الجديدة يتلاءم مع قدرة الاستيعاب عند الولد , فلا ينفع أن نحشو رأس الطفل بعدد هائل من المفردات من دون أن يكون استوعب معناها , وربطها بظروف معينة تساعد على ترسيخها في ذاكرته لمدى بعيد .
5- تشجيع الولد على استعمال الكلمات الصحيحة
يأتي هذا التشجيع من خلال الحفز الإيجابي من قبل الأهل لكل الكلمات التي ينطقها الطفل بالشكل السليم , وعندما تتميز الكلمة بقيمة وظيفية فعلية يعبر الطفل من خلالها عن احتياجاته أو مشاعره . إن هذا التشجيع يكون تلقائياً ضمن التبادل الكلامي اليومي في حياة الطفل , مثل الأم التي تعطي كوب الماء لطفلها عندما ينطق كلمة " ماء " ولا تستجب له عندما يقول " مبو " . في هذا الإطار , ينصح الخبراء الأهل بأن لا يستجيبوا لمطالب الطفل عندما يلجأ هذا الأخير للإشارة , بل أن يشجعوه على التعبير عن احتياجاتهمستخدماً الإصدارات الصوتية في البدء , ولاحقاً الكلمة الصحيحة للشيء الذي يريده .
6- مشاهدة التلفزيون
هناك تأثير إيجابي للبرامج التلفزيونية المخصصة للأطفال على تطوير النطق , فالولد يتعلم الكثير من المفردات الجديدة من خلال مشاهدته مثل هذه البرامج , لكن لا يجب على الأهل أن يتكلوا على التلفزيون لتنمية قدرات ابنهم اللغوية , إذ يجب أن نتذكر أنه لا بديل للتبادل الكلامي مع الأشخاص الاخرين , فالتلفزيون لا يوفر للولد هذه الفرصة للاحتكاك والحوار والتواصل التي تجعل الطفل عنصراً ناشطاً وفعالاً في عملية اكتساب النطق .
7- القراءة المستقلة
إن قدرة الطفل على القراءة هي أفضل الطرق لتنمية النطق عنده , فمن خلال القراءة يتعرض الولد إلى أشكال كلامية أكثر تعقيداً من الكلام الذي يستخدمه أهله معه في حواراتهم اليومية . من خلال القراءة , يتعلم الولد كلمات أكثر دقة من الكلمات التي يتعلمها أو يسمعها من الكبار خلال حديثهم معه , وهي كلمات إجمالا سهلة إذ إن الأهل يبسطون كلامهم عن قصد حين يتكلمون مع الصغار لكي يتأكدوا من استيعابهم لما يقال لهم .

ورده فواحه ..:: كـــ vip ــــبار الشخصيات ::..

يعطيك العافيه ع طرحك الراائع

توقيع
R M N 44 ..:: مبدع ::..

الله يـعـافـيـك مـرورك أروع

اسيرة توتي ..:: مشطب العضوية و مطرود ::..


يعطيك العافيه على موضوعك الرائع والمميز.
وتقبلي مروري.

اتعبني الجرح ..:: كـــ vip ــــبار الشخصيات ::..

تسلم يمنـآإأكـ ع الطــرح

توقيع

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2024, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية