السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


اكتب اليك يا سيدتي وقلبي ينبض بالالم ويذرف الدموع واتساءل: لماذا يتحول الانسان احيانا الى عبد لنزواته؟ ولماذا ينسى في تلك الحالة مسؤولياته.. وينجرف الى هاوية الضياع التي لا يدفع ثمنها وحده، بل يتكبد آخرون الثمن اكثر ويدفعونه من دمهم واعصابهم وصحتهم؟
اليك يا سيدتي قصتي من اولها عندما كنت وزوجي زميلين في الجامعة نتنافس بشرف على التفوق العلمي. جمعت الغيرة العلمية بيننا قبل الحب وقوته الضاربة التي اخضعتنا له. واستمرت قصة حبنا وتنافسنا الشريف لاكثر من ثلاثة اعوام حتى استطعنا تكليلها بالزواج السعيد والتفاهم والحب الذي جمع بين قلبينا.
لكن بمرور السنوات بدأ زوجي يتغير شيئا فشيئا، حتى اصبح شخصا لا اعرفه. اهمل في ابحاثه العلمية حتى انني نجحت في تخطيه بمراحل كبيرة، وتبوأت مركزا علميا مرموقا، اما هو فاكتفى بدرجة علمية واحدة تؤهله لوظيفة جيدة وليست وظيفة اكاديمية مثلي.
وتحملت يا سيدتي.. لكن تغير سلوكه هذا اطاح بصوابي.. فقد اصبح كالمراهق الصغير يتأنق كثيرا ويحاول ان يلفت الانتباه امام الجنس الناعم.. مؤخرا بدل سيارته الفارهة بسيارة شبابية اسبور حمراء وكأنه شاب في العشرين. ومن هذه الافعال الكثير يا سيدتي.
فعلى الرغم من تجاوزه الخامسة والاربعين من عمره، وعلى الرغم من اننا زوجنا اثنتين من بناتنا وعلى وشك ان يكون لدينا احفاد، الا ان زوجي يعيش مراحل المراهقة المتأخرة، وآخرها هوسه بالانترنت والتحدث عبر الشات، وربما تكون هذه الشبكة سببا في خراب بيوت كثيرة.
اوشكت يا سيدتي على الانهيار وانا ارى زوجي وهو ينسى نفسه تماما امام النت وبرامج الدردشة اللعينة وهو لا يتحدث يا سيدتي الا الى نساء ساقطات، ولا يفتح الا الملفات الاباحية ولك ان تتخيليه وهو يقوم بغلق هذه الملفات سريعا ويفتح ملفا آخر لبحث علمي ويتظاهر بقراءته اذا مر احدنا امام الكمبيوتر، كالطفل الذي يخفي لعبته ويتظاهر بالنوم. هذا يا سيدتي فضلا عن المكالمات التلفونية المهمة على عكس المكالمات العادية التي يظهر فيها صوته جليا واسمعه عن بعد.
لا تسألي يا سيدتي لماذا لم اتحدث اليه أو اعاتبه أو ارده عما يفعل، فقد حاولت ذلك مرارا، والنتيجة انني ارى امامي جمادا لا ينطق ولا يرد ويدافع عن نفسه.. وردة الفعل لديه تكون الابتعاد التام عني والهجر في المضجع لايام طويلة، فهو هنا فقط يقوم بتطبيق شرع الله، واحيانا يرد بالكتابة في ورقة يتركها لي يتهمني فيها بانني اتوهم ما لا يحدث.
تكررت هذه الاحداث كثيرا يا سيدتي الى درجة انني بدأت اشك في نفسي حتى وجدت الحل في خط تلفون ابتعته مؤخرا لا احد يعرف رقمه سواي.. وبدأت لعبتي في كشف الحقيقة يا سيدتي فارسلت رسائل الى تلفون زوجي من نوعية الرسائل التي يتلقاها من الساقطات، ووجدته يرد عليها بل يرسل اليّ الموقع الخاص به لاكتب اليه، ويلح ان اتصل به. ووجدت بذلك دليلا على سلامة قواي العقلية بعد ان شككني زوجي فيها واعتبر اتهاماتي له من نسج الخيال.. وايضا وجدت في طلبه هذا دليلا على مراهقته المتأخرة التي يمر بها.
لا اخفي عليك يا سيدتي لقد هدأت نفسي بعض الشيء بعد ان تيقنت من خيانة زوجي، وان ما في داخلي من اتهامات لم يكن مجرد شكوك بل وقائع وحقائق، لذلك قررت عدم الاستمرار في هذه اللعبة والاكتفاء بما عرفته عن زوجي فقط، فانا مازلت اكن له بعض الحب والاحترام، ولا اود ان تنهار اسرتي بعد كل هذه السنوات.
بالله عليك يا سيدتي اشيري عليّ ماذا افعل لاحتفظ بزوجي وباسرتي، ولانقذ زوجي من هذا الانحلال الغارق فيه ليحتفظ بوقاره وعمره واحترامه لنفسه.
حل المشكلة
للاسف الشديد يا سيدتي هناك كم هائل من المشاكل التي سببتها التكنولوجيا الحديثة في حياتنا، واتعجب لماذا نأخذ من هذا الاختراع العبقري (الكمبيوتر) اسوأ ما فيه، ولماذا يستخدم البعض شبكة المعلومات العالمية لزيارة المواقع الاباحية فقط.
ان رسالتك يا سيدتي واحدة من مئات الرسائل التي تصلني يوميا من زوجات وازواج وبنات وشباب يشكون الاثر المدمر لدخول تلك الشبكة في حياتهم.
اما انت يا سيدتي فاشعر بكم الحزن الذي تعانينه وانت ترين زوجك وحبيبك ورفيق دربك الذي يحمل درجة علمية رفيعة يعود الى مشاعر المراهقة، وتصدر منه افعال صبيانية غريبة.
لكن في الوقت نفسه ألقي عليك ببعض اللوم.. فالزوج في هذه المرحلة الحرجة من حياته يحتاج معاملة خاصة.. بعضا من المشاعر الدافئة، فهو دائما يبحث عن الحبيبة فيك، فعيشي معه تلك المشاعر، وتخلي قليلا عن صورة الام واطار الزوجة الوقور في حياتك الخاصة معه. حاولي تدليله وعيشي معه الجموح العاطفي من اجل انقاذ حياتكما الزوجية من الروتين والملل والجفاف العاطفي.
اطوي تلك الصفحة يا سيدتي ومدي يد المساعدة لزوجك ليخرج من ازمته.

منقول من جريدة القبس الكويتيه